عند التعامل مع مريض السرطان: قل .. ولا تقل .. أو اصمت رجاءً
“طالما أنك لست مكان المبتلى، فتأدب واصمت.. تأدب، تأدب واصمت”
هذه المقولة والتي لم أصل بشكل قاطع لهوية قائلها ولكن ينسبها البعض إلى الكاتب محمد شكري. هي من أجمل ما قيل عن كيفية التعامل مع المبتلى.
وفي ظني، لا بد أن نال قائلها من الابتلاء قدراً ليس بالهين واختبر محاولات الناس للتخفيف عنه بعبارات “تزيد الطين بلة”.
وبالحديث عن المبتلى وما يكابده من مشاعر وصعاب تصاحب الابتلاء، سأتحدث عن المبتلى بالسرطان.
بداية، هل تعلم ما يُعنيه أن يكتشف شخصاً إصابته بالسرطان وعشرات المشاعر التي عليه أن يتعامل معها في ثوان معدودة؟ هل تلمس شعوره بأن العالم انهار فجأة فوق رأسه وبلا أي مقدمات؟ هل تدرك معنى أن يلازم إنسان تصور بأن: وحشاً داخل جسده وبإمكانه أن يلتهمه قطعة.. قطعة، والأسوأ من ذلك أن هذا الوحش غير مرئي ولا يصدر صوتاً ولا إنذاراً ولا يعلن عن خططه القاتلة في بعض الأحيان إلا في اللحظة الأخيرة.
مع كامل تمنياتي بألا تعلم أو تلمس أو تدرك أياً من المشاعر السابقة، إلا أن هذا وصف مبسط جداً لما يشعر به مريض السرطان وخاصة في لحظة تلقيه تشخيص الإصابة بهذا المرض.
ولأن الدعم المعنوي الصادق من أهم ما يحتاجه مريض السرطان ممن حوله، للتعامل مع مرضه والتغلب عليه. يُرجى أن تُفكر مرتين في الطريقة التي تدعمه بها، وفي الكلمات التي ستخرج من فمك.
ولمساعدتك في ذلك، فيما يلي بعض العبارات التي يحتاج مريض السرطان لسماعها والعبارات الأخرى التي يُعد الصمت بديلاً رائعاً لها.
قل …
- أنا موجود من أجلك: في رحلة مريض السرطان المليئة باللحظات الصعبة والمؤلمة، يحتاج أن يثق في أن هناك شخصاً موجوداً من أجله، صخرة يتكئ عليها وقت التعب وكتفاً يبكي عليه وقت الحزن وأذناً صاغية باهتمام لما يشعر به وحضناً دافئاً ليختبئ داخله من قسوة المرض والحياة في أوقات الخوف. لكن لا تقل هذه العبارة أبداً، إن لم تكن قادراً على تنفيذ وعدك.
- بماذا تشعر.. بماذا تفكر: يجتاح قلب وعقل مريض السرطان كم هائلاً من المشاعر والأفكار طوال الوقت وقد لا يعرف كيف يتعامل معها، وقد يكون إخراج بعضها بالحديث عنها، نوع من التفريغ الذي يحتاج إليه، لكن تأكد أن الوقت مناسب أو أنه يريد التحدث بالفعل عما يشعر به. فقط لا تضغط عليه للتحدث إن كان لا يرغب في ذلك.
- لا أستطيع الشعور بما تمر به ولكن أعرف أنك تمر بالكثير: عدم الادعاء بمعرفة مشاعر صاحب تجربة لم تمر بها من قبل هو بداية جيدة للحديث مع مريض السرطان أو أي مبتلى.
- أياً ما كانت مشاعرك، من حقك أن تشعر بها: بالتأكيد سيشعر مريض السرطان بالغضب أو الحزن أو غيرها من المشاعر التي تصاحب هذا النوع من الأخبار الصادمة والقاسية، وقد يشعر بالخجل إن عبر عن بعضها بوضوح، لذا تأكيدك على أن مشاعره طبيعية ومن حقه أن يشعر بها ستساهم في تهدئته في معظم الأوقات.
- لا أعرف ماذا أقول: قد تخرج من فمك، عبارات تمثل ضغطاً على مريض السرطان بدلا من دعمه، بسبب أنك تعتقد أنه يجب عليك قول شيء ما بسرعة والآن. لكن قد يضم اعترافك بأنك لا تعرف ماذا تقول، اعترافاً أهم وهو أنك تدرك أن الموقف أكبر من الكلمات. أو ببساطة أنت فقط لا تعرف ماذا تقول. في كل الأحوال هي عبارة صادقة والصدق مهم في مثل هذه المواقف.
شاهدي أيضاً: الوقاية من السرطان
لا تقل …
- لا تبكي: أعتقد أن الكثير من الأشخاص متى رأى شخصاً يبكي، يُترجَم الأمر تلقائياً داخل رأسه على أن هناك مشكلة تحتاج إلى حل الآن، والدليل على أن المشكلة قد حُلت هو أن “يتوقف الشخص عن البكاء”، والبعض الآخر يقول هذه العبارة بدافع الحب، حيث لا يريد أن يرى من يحبه حزيناً يبكي.
لكن البكاء ليس شراً كما تعتقد وليس مشكلة تحتاج إلى تدخل أيضاً. لذا اتركه يبكي ليخرج مشاعر الحزن، وبدلاً من محاولة ثنيه عن البكاء، ابق جانبه أو امنحه حضناً حنوناً. - فلان كان مصاباً بنوع سرطان أسوأ: هذا ليس وقتاً جيداً للمقارنة أو للاستهانة بما يمر به مريض السرطان حتى لو كان مريضاً بأقل أنواع السرطانات خطورة حسب تصنيف العلم. لأنه رغم ذلك لا يزال يمر بالكثير من الخوف والألم النفسي والجسدي وتفاصيل كثيرة وصعبة.
- كل شيء سيمر “هتعدي”: بالرغم من أن هذه العبارة لا يوجد شيء خاطئ بها، بل تحمل رسالة من المفترض أن تساعد مريض السرطان على رؤية الضوء في آخر النفق. إلا أنها غير مناسبة خاصة في اللحظات الأولى من تشخيص المرض أو في الأوقات التي يمر فيها المريض بألم جسدي أو بمرحلة فقدان الشعر. لأنك ستبدو كمن يعد بشيء لا يضمن الوفاء به، هذا بالإضافة إلى أن مريض السرطان يتمنى أكثر منك بآلاف المرات أن يمر كل شيء، ولكنه يريده أن يمر الآن أو أن يغمض عينيه ويفتحها ليكتشف أن كل ما يحدث مجرد كابوس.
- يموت الأشخاص في حوادث سيارات في لحظة: أو أي عبارة تحمل نفس الرسالة، هي آخر ما يريد مريض سرطان أن يسمعه، فهو لا يريد الموت بالسرطان أو في حادث سيارة هو يريد أن “يقاوم ويحيا”. ومحاولتك للتخفيف عنه بهذه الطريقة وإن كانت نابعة من نية طيبة، فهي قد تعد واحدة من أسوأ طرق المواساة على الإطلاق. فهو يعرف أن جميع مَن على الأرض ميت لا محالة، وأن الإنسان قد يموت في لحظة دون حتى أن يدرك ذلك. لكن هذا الإدراك لا يجعل فكرة اقترابنا من الموت سهلة أو بسيطة أو مرحباً بها.
-
المحتوى الذي تستمتع به هنا يمثل رأي المساهم وليس بالضرورة رأي الناشر. يحتفظ الناشر بالحق في عدم نشر المحتوى.
هل لديكم شغف للكتابة وتريدون نشر محتواكم على منصة نشر معروفة؟ اضغطوا هنا وسجلوا الآن!
انضموا إلينا على منصتنا، فهي تمنح كل الخبراء من كافة المجالات المتنوعة الفرصة لنشر محتواهم . سيتم نشر مقالاتكم حيث ستصل لملايين القراء المهتمين بهذا المحتوى وستكون مرتبطة بحساباتكم على وسائل التواصل الاجتماعي!
انضموا إلينا مجاناً!