الاكتئاب كيف يغير في شكل الدماغ
الاكتئاب لا يؤثر على العواطف فقط بل يؤدي إلى تغيير شكل الدماغ
- تاريخ النشر: الإثنين، 26 ديسمبر 2022 آخر تحديث: الثلاثاء، 26 ديسمبر 2023
الاكتئاب لا يؤثر فقط على مشاعرك لكنه يتميز يتسبب في تأثيرات جسدية بالإضافة إلى تأثيرات تؤدي إلى تغيير بنية ووظائف الدماغ حيث وجد العلماء اختلافات رئيسية بين الدماغ المكتئب مقابل الدماغ الطبيعي، لنتعرف في هذا المقال على كيف يغير الاكتئاب في شكل الدماغ.
ما هو الاكتئاب
الاكتئاب (بالإنجليزية: Depression) هو مرض طبي شائع وخطير يؤثر سلبًا على شعورك، وطريقة تفكيرك، وكيفية تصرفك حيث يتسبب الاكتئاب في الشعور بالحزن وفقدان الاهتمام بالأنشطة التي كنت تستمتع بها من قبل، كما يؤدي إلى العديد من المشاكل العاطفية والجسدية ويمكن أن يقلل من قدرتك على العمل وممارسة حياتك اليومية.
أعراض الاكتئاب
يمكن أن تختلف أعراض الاكتئاب من خفيفة إلى شديدة وتشمل ما يلي:
- الشعور بالحزن أو الاكتئاب.
- فقدان الاهتمام أو الاستمتاع بالأنشطة التي كنت تتمتع بها من قبل.
- تغيرات في الشهية مثل فقدان الوزن أو اكتسابه.
- صعوبة النوم والأرق أو النوم لفترات طويلة.
- فقدان الطاقة لفعل أي شيء.
- زيادة الشعور بالتعب.
- زيادة في النشاط البدني غير المقصود؛ مثل عدم القدرة على الجلوس بلا حراك.
- تباطؤ الحركات أو الكلام، ويجب أن تكون هذه الأفعال شديدة بما يكفي بحيث يمكن ملاحظتها من قبل الآخرين.
- الشعور بعدم القيمة أو بالذنب.
- صعوبة في التفكير أو التركيز أو اتخاذ القرارات.
- أفكار عن الانتحار.
يجب أن تستمر الأعراض لمدة أسبوعين على الأقل.[1]
الفرق بين الحزن والاكتئاب
الشعور بالحزن نتيجة المرور بمواقف مؤلمة وصعبة لا يعني الإصابة بالاكتئاب، وعملية الحزن طبيعية وفريدة من نوعها لكل فرد وتشترك في بعض سمات الاكتئاب، قد ينطوي كل من الحزن والاكتئاب على الحزن شديد لكن أيضاً يختلفان من حيث ما يلي:
- في حالة الحزن تأتي المشاعر المؤلمة على شكل موجات عند تذكر فقدان شخص ما وغالبًا ما تختلط بالذكريات الإيجابية لكن في حالة الاكتئاب الشديد تقل الحالة المزاجية كلياً لأكثر من أسبوعين.
- في حالة الحزن عادة ما يتم الحفاظ على احترام الذات لكن في حالات الاكتئاب الشديد تكون مشاعر عدم القيمة وكراهية الذات من الأعراض الشائعة.
- في حالات الاكتئاب الشديد تركز الأفكار على إنهاء حياة الشخص بسبب الشعور بعدم القيمة أو عدم استحقاق العيش أو عدم القدرة على التعامل مع آلام الاكتئاب.[1]
عوامل تؤثر في الإصابة بالاكتئاب
يمكن أن يؤثر الاكتئاب على أي شخص، حتى الشخص الذي يبدو أنه يعيش حياة مثالية خالية من المشكلات أو الصدمات، وتلعب عدة عوامل دور في الإصابة بالاكتئاب أهمها ما يلي:
- الكيمياء الحيوية: قد تساهم الاختلافات في بعض المواد الكيميائية في الدماغ في ظهور أعراض الاكتئاب.
- الوراثة: يمكن أن ينتشر الاكتئاب في العائلات، على سبيل المثال إذا كان أحد التوأمين المتطابق مصابًا بالاكتئاب، فإن الآخر لديه فرصة 70٪ للإصابة بالمرض في وقت ما من الحياة.
- الشخصية: يبدو أن الأشخاص الذين يعانون من تدني احترام الذات، والذين يتوترون بسهولة أو المتشائمون بشكل عام هم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب.
- العوامل البيئية: قد يؤدي التعرض المستمر للعنف أو الإهمال أو سوء المعاملة أو الفقر إلى جعل بعض الناس أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب.[1]
تأثير الاكتئاب على شكل الدماغ
يمر دماغ الشخص المكتئب بالعديد من التغييرات بسبب تدفق المواد الكيميائية في الدماغ وفقدان بعضها، فيما يلي نتعرف على كيف يغير الاكتئاب في شكل الدماغ:
انكماش العديد من مناطق الدماغ
يعد الانكماش أحد أكثر التغييرات شيوعًا في دماغ المريض المصاب بالاكتئاب، وخاصة في الحُصين، والمهاد، والقشرة الأمامية، وقشرة الفص الجبهي، ويعتمد مقدار تقلص مناطق الدماغ هذه على طول وشدة الاكتئاب.
يؤدي اختلال التوازن الكيميائي الناجم عن هرمون الكورتيزول المعروف أيضًا باسم هرمون التوتر إلى حدوث هذا الانكماش، ويتسبب الاكتئاب في رفع قرن آمون لمستويات الكورتيزول، مما يعيق نمو الخلايا العصبية في دماغك.
بينما تتقلص مناطق الدماغ الأخرى بسبب ارتفاع مستويات الكورتيزول تتضخم اللوزة وهي الجزء الذي يتحكم في العاطفة، لذلك قد يتسبب ذلك في مشاكل مثل اضطرابات النوم، وتقلب المزاج، وغيرها من المشكلات المتعلقة بالهرمونات، كما يرتبط تضخم اللوزة أيضًا بتطور الاضطراب ثنائي القطب.[2]
التهاب الدماغ
يرتبط الاكتئاب الشديد بالتهاب الدماغ، على الرغم من عدم وجود دليل قوي من الخبراء حول ما إذا كان الاكتئاب يسبب التهابًا دماغيًا أو العكس، فقد افترض الباحثون أن هذين الأمرين مرتبطان ارتباطًا وثيقًا.
وجدت الدراسات أن الأشخاص الذين عانوا من الاكتئاب لأكثر من عشر سنوات يعانون من التهاب دماغي أكثر بنسبة 30٪ مقارنة بأولئك الذين يعانون من فترة اكتئاب أقصر.
نظرًا لأن الالتهاب الدماغي يقتل الخلايا العصبية فقد يؤدي إلى العديد من المضاعفات حيث يؤدي موت الخلايا العصبية والناقلات العصبية إلى الانكماش وكذلك تقليل المرونة العصبية لدى الشخص وقدرة الدماغ على التغيير مع تقدم العمر، كما أن الخلايا العصبية والناقلات العصبية الجديدة ستحتاج إلى وقت أصعب للنمو مما يؤدي إلى مشاكل إدراكية لدى الشخص المصاب.[2][3]
نقص الأكسجين
على الرغم من أن الباحثين لم يثبتوا وجود صلة قاطعة بعد إلا أن الاكتئاب الشديد قد يقلل من استهلاك الأكسجين، النظرية الشائعة هي أن الاكتئاب يؤدي إلى تغيير في أنماط التنفس، مما قد يؤدي إلى تقييد الأكسجين أو نقص الأكسجة، حتى نقص الأكسجين البسيط يمكن أن يعيق وظائف المخ حيث يُظهر الأشخاص الذين يعانون من نقص الأكسجين البسيط سوء تقدير، وانخفاض في المهارات الحركية، و مشكلات مثل فقدان الذاكرة.[2]
اختلاف المادة الرمادية
الأشخاص المصابون بالاكتئاب لديهم مادة رمادية أكثر سمكًا في أجزاء من الدماغ التي تشارك في الإدراك الذاتي والعواطف، وتشير المادة الرمادية (GMV) في الدماغ إلى أنسجة المخ التي تتكون من أجسام الخلايا، والخلايا العصبية ويمكن أن يساهم ذلك في المشكلات التي يعاني منها الشخص المصاب بالاكتئاب في هذه المناطق.
كلما زاد الاكتئاب الذي يعاني منه الشخص زاد فقدانه للمادة الرمادية، ونظراً لأنها تحتوي على معظم الخلايا العصبية فإن النمو البطيء يعني أن قدراتك المعرفية معرضة للضعف.[4]
آثار الضرر الدماغي الناتج عن الاكتئاب
يمكن أن تؤثر التغييرات في المادة الدماغية بشدة على صحتك العقلية والجسدية، فيما يلي الآثار الثلاثة الأكثر شيوعًا لتلف الدماغ الناجم عن الاكتئاب:
اضطرابات النوم والأمور العاطفية
يمكن أن يتسبب تدفق الكورتيزول الناجم عن الاكتئاب في تضخم اللوزة مما يزيد من نشاطها، ونظرًا لأنها تتحكم في عواطفك، فإن الضرر الذي يلحق باللوزة يمكن أن يؤدي إلى عدم توازن مشاعرك لذلك قد تواجه تقلبات مزاجية لا يمكن السيطرة عليها مما يجعلك تشعر بمشاعر سلبية وإيجابية على حد سواء بشكل مكثف.
المشكلات المتعلقة باللوزة يمكن أن تكون واحدة من أخطر الأشياء المتعلقة باضطراب الاكتئاب الشديد حيث لا يؤدي تضخم اللوزة إلى إعاقة صحتك العاطفية واستقرار مزاجك فحسب بل يمكن أن يتسبب نشاطها المتزايد أيضًا في حدوث مشكلات أخرى، مثل مشكلات النوم، والحرمان من النوم أيضاً يؤدي إلى تفاقم ردود أفعالك المفرطة ويجعل عقليتك أكثر سلبية مما يؤدي إلى تفاقم الاكتئاب.[2]
التأثير على القدرات المعرفية
يمكن أن يؤدي الضرر الدماغي الموجود في مرضى اضطراب الاكتئاب الشديد إلى ضعف الوظائف الإدراكية إذ يحدث فقدان الوظيفة الإدراكية بسبب تدهور خلاياها العصبية.
زيادة إفراز هرمونات التوتر هو السبب الرئيسي لهذه المشكلة، ويؤدي التعرض طويل الأمد لهرمون الكورتيزول إلى إبطاء نمو الخلايا العصبية أو توقفها مما يؤدي إلى الانكماش.
يؤدي تلف الحُصين إلى مشاكل في الذاكرة، ومشاكل في التركيز، واختلال وظيفي في الجهاز التنفيذي، وعادة ما تكون أعراض الاكتئاب هذه أسوأ لدى الأشخاص الذين أصيبوا بحالات تنكسية مثل مرض ألزهايمر ومرض باركنسون.[2]
المشكلات الجسدية والمرض
- هرمونات التوتر تجعل قلبك ينبض بشكل أسرع كما لو كنت في خطر دائم مما يؤدي إلى الإصابة بأمراض القلب التي تهدد الحياة في المستقبل.
- يؤثر الاكتئاب على صحة الجهاز الهضمي خاصةً في حالة الإفراط في تناول الطعام أو تناول الأدوية المضادة للاكتئاب، إذا زاد وزنك بسرعة أثناء نوبة اكتئاب فمن المرجح أن تصاب بأمراض مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالسمنة مثل مرض السكري.
- قد يتسبب الاكتئاب أيضًا في فقدان الشخص شهيته للطعام وفقدان الوزن السريع، والذي يمكن أن يكون ضارًا بالجسم بنفس القدر.
- قد يتعاطى بعض الأشخاص المخدرات كطريقة للتعامل مع أعراض الاكتئاب لديهم، مما يؤدي إلى اضطرابات تعاطي المخدرات.[2]
يغير الاكتئاب كلاً من عقلك وجسمك إلى الأسوأ، يمكن أن تسبب الهرمونات التي يتم إفرازها خلال نوبات الاكتئاب تلفًا في المخ، وعدم الاستقرار العاطفي، واضطرابات النوم، وضعف القدرات المعرفية، لذلك يجب عليك طلب المساعدة الطبية لتوفير العلاج اللازم.
- أ ب ت "مقال ما هو الاكتئاب؟" ، المنشور على موقع psychiatry.org
- أ ب ت ث ج ح "مقال ماذا يحدث للدماغ أثناء الاكتئاب؟" ، المنشور على موقع transformationstreatment.center
- ↑ "مقال الآثار الجسدية للاكتئاب على الدماغ" ، المنشور على موقع webmd.com
- ↑ "مقال الدماغ المكتئب مقابل الدماغ الطبيعي" ، المنشور على موقع banyanmentalhealth.com