هل الحب مجرد صناعة مربحة؟ متى يصبح الوعي بالحب أمر شائع؟
في عالم اليوم، يُصوّر الحب على أنه جوهر السعادة والمفتاح إلى العلاقات الناجحة. لكن إذا تعمقنا قليلاً في الحقيقة، سنكتشف أن الحب كما يتم تقديمه لنا ليس أكثر من مفهوم ضبابي يعطل الوعي ويضعف العقل. تحت تأثير الحب، تجد الناس يقدمون على أفعال لم يكونوا ليفعلوها في الظروف العادية، مثل تحمل ديون، تقديم هدايا باهظة، أو الدخول في التزامات طويلة الأجل. فهل الحب فعلاً يجلب السعادة، أم أنه مجرد وهم يسلبنا عقولنا ويستنزف مواردنا؟
دعونا نطرح السؤال: من المستفيد الحقيقي من هذا المفهوم المتعارف عليه للحب؟ الحقيقة هي أن المستفيدين الفعليين هم الفنادق التي تستضيف حفلات الزفاف الفاخرة، صالات الأفراح التي تكسب الملايين، محلات المجوهرات التي تبيع الخواتم باهظة الثمن، وحتى العقاريين الذين يبيعون المنازل الضخمة والشقق “المثالية للعائلة” وحتى من يقومون بالترويج لرحلات شهر العسل كلهم رابحون وأنت الخاسر الأول وحتى في خسارتك فأنت ربما ستذهب للطبيب النفسي، وتأخذ أدوية وعلاجات. الحب في هذا السياق ليس مجرد شعور، بل صناعة تدر أرباحاً هائلة لكل هؤلاء الذين يبنون نجاحهم على الأحلام العاطفية. فيمن يا ترى يقوم صناعة تلك الأفلام والمسلسلات التي تروج للحب ويمولها؟
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
إذا كان الحب يُجبرك على تحمل الديون والضغوط المالية لتلبية احتياجات شخص آخر المادية فقط، وأن تصبح مجرد محفظة وملبي رغبات لمن تدعي أنك تحبه، فهو أشبه بتأثير المخدرات، يُذهب العقل ويجبر الشخص على اتخاذ قرارات غير منطقية. لكن الأغرب من ذلك، أن الحب كما نعرفه لا تحكم لنا فيه ولا فيمن نحب وهذه هي الحقيقة، فكيف نجري وراء شيء لم نختره لأنفسنا؟!.
فالقرآن الكريم عندما وصف العلاقات الصحية بين الزوجين، استخدم كلمات مثل “المودة” و” الرحمة” كأساس لتلك العلاقات بين الزوجين. لم يُذكر الحب إلا في موضع واحد وهو موضع تحذيري وتعليمي، وهو في سورة يوسف، حين قال الله -سبحانه- وتعالى: “قد شغفها حباً”، في إشارة إلى امرأة العزيز التي ذهب عقلها بسبب حبها لسيدنا يوسف -عليه السلام- وقررت خيانة زوجها!!
قبل مئة سنة، لم يكن أحد يتحدث عن الحب عند الزواج. كان الزواج يعتمد على العقل، والاحترام المتبادل، والمودة والرحمة والتفاهم بين الطرفين. كان الهدف بناء حياة مشتركة قائمة على التفاهم والدعم، وليس الاستسلام لعواطف غير مستقرة تقود إلى اتخاذ قرارات مكلفة على المدى الطويل. وعند الارتباط لا يوجد أي فكرة، حتى لو كانت ضئيلة أنه هنالك خيار بالانفصال، الارتباط يكون حتى الوفاة وعبدها في الجنة كذلك.
الحب، كما يُصور في ثقافة اليوم، ليس سوى وسيلة لتحقيق الربح. إنه حلم يربح منه الآخرون، بينما أنت تدفع الثمن. الفنادق، صالات الأفراح، محلات المجوهرات، العقاريون، الأطباء، شركات بيع مساحيق التجميل، عمليات التجميل، كلهم يجنون الأرباح بينما تتحمل أنت الديون والضغوط. فكر جيداً قبل أن تترك العواطف تتحكم في حياتك، لأنك قد تجد نفسك في النهاية مجرد مستهلك في صناعة لا تهتم بمصلحتك.
ربما آن الأوان للتفكير بعقلانية والتمييز بين الحب الذي يخدم مصالحك الشخصية، والحب الذي يجعلك عبداً لمن يربحون منه.
-
المحتوى الذي تستمتع به هنا يمثل رأي المساهم وليس بالضرورة رأي الناشر. يحتفظ الناشر بالحق في عدم نشر المحتوى.
هل لديكم شغف للكتابة وتريدون نشر محتواكم على منصة نشر معروفة؟ اضغطوا هنا وسجلوا الآن!
انضموا إلينا على منصتنا، فهي تمنح كل الخبراء من كافة المجالات المتنوعة الفرصة لنشر محتواهم . سيتم نشر مقالاتكم حيث ستصل لملايين القراء المهتمين بهذا المحتوى وستكون مرتبطة بحساباتكم على وسائل التواصل الاجتماعي!
انضموا إلينا مجاناً!