متلازمة توريت..تشنجات حركية وصوتية لا إرادية
متلازمة توريت هي خلل عصبي يؤدي إلى مجموعة من الاضطرابات الحركية أو الصوتية اللا إرادية مثل اهتزاز الرأس أو الصراخ بصوت عال أو التلفظ بالشتائم.
تشير كلمة متلازمة (بالإنجليزية: Syndrome) إلى مجموعة الأعراض والعلامات الجسدية والنفسية التي تتعلق بمرض معين أو حالة طبية ما، وقد تعبر هذه الأعراض عن حالة مؤقتة تزول مع زوال السبب الممرض أو قد تدوم هذه الأعراض مدى الحياة.. سنتحدث في مقالنا عن بعض المعلومات المهمة حول واحدة من هذه المتلازمات التي تدعى بـمتلازمة توريت وما هي أهم الأعراض المرافقة لها.
ماهي متلازمة توريت (Tourette Syndrome)
تعبّر متلازمة توريت عن خلل في عمل الجهاز العصبي الذي يؤدي إلى مجموعة من الاضطرابات الحركية أو الصوتية، تشمل هذه الاضطرابات القيام بمجموعة من الحركات لاإرادية، أو إصدار أصوات غير مرغوب بها -والتي تدعى بالتشنجات (بالإنجليزية: Tics)- أو التلفظ بكلمات مسيئة بدون قصد.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
تنتشر هذه الأعراض والتشنجات عادةً بين الأطفال والمراهقين بأعمار ما بين 2-15 عاماً، ويكون ظهورها شائعاً بشكل أكبر بين الذكور مقارنة بالإناث، حيث يصاب الذكور بمتلازمة توريت أكثر من الإناث بنحو 3 - 4 مرات، ولحسن الحظ يمكن أن تختفي هذه التشنجات تلقائياً أو يُمكن أن يصبح التحكم الإرادي بهذه الحركات أسهل بعد سن المراهقة. [1]
أسباب متلازمة توريت
السبب الرئيسي لمتلازمة توريت هو خلل في عمل العقد القاعدية العصبية الموجودة في الدماغ، التي تلعب دوراً رئيساً في التحكم بحركات الجسم؛ وهذا ما يسبب بدوره خللاً في عمل الخلايا العصبية وعدم قدرتها على التواصل فيما بينها بطريقة سليمة.
لم يعرف الأطباء بالضبط السبب الرئيسي في ظهور مشاكل الدماغ هذه، لكن من المرجح أن يكون للعامل البيئي دور في ظهور متلازمة توريت، كما يلعب العامل الوراثي (الجينات) دور كبير في انتشار هذه المتلازمة؛ أي قد تنتقل متلازمة توريت بالوراثة بين أفراد العائلة الواحدة.[2][3]
أعراض متلازمة توريت
تعد التشنجات اللاإرادية الشكل الرئيسي لأعراض هذه المتلازمة، تختلف شدة وتواتر هذه التشنجات بين شخص وآخر ففي حين يكون البعض منها بسيطاً لا يمكن ملاحظته، يكون البعض الآخر واضحاً جداً للعيان، حيث تزداد حدة هذه الأعراض سوءً في حالات التوتر والأمراض الجسدية والتعب، وهناك نوعان من التشنجات غير الإرادية؛ تشنجات حركية وتشنجات صوتية:[2][3]
- التشنجات الحركية (Motor tics): تشمل التشنجات البسيطة منها حركات، مثل: اهتزاز الرأس، وغمزات العيون غير الإرادية، وحركات الفم، واهتزاز الأكتاف، بالإضافة إلى حركات الوجه غير الإرادية، بينما تشمل الأعراض الشديدة لمس أو شم الأشياء بشكل غير إرادي، وتكرار بعض الحركات، والمشي بنمط معين، والإيماءات غير المهذبة، بالإضافة إلى القفز بحركات غريبة.
- التشنجات الصوتية (Vocal tics): يشمل هذا النوع من التشنجات الصياح بصوت معين، والسعال، والشخير، وإعادة ترديد كلمات يقولها الأشخاص المحيطين، والصراخ بصوت عالٍ، والتلفظ بالشتائم والكلمات البذيئة.
ملاحظة: يمكن لهذه الأعراض أن تختلف في التكرار والحدة بين شخص وآخر، وقد تحدث لبعض الأشخاص حتى أثناء نومهم، وهي تزداد سوءً في مرحلة المراهقة وتتراجع بشكل كبير مع ظهور علامات البلوغ.[2][3]
علاج متلازمة توريت
إلى الآن لم يتم التوصل إلى علاج حقيقي لمتلازمة توريت، وفي كثير من الحالات غير الشديدة يمكن الاستغناء عن إعطاء الأدوية، ويهدف إعطاء أي دواء إلى تخفيف الأعراض المرافقة لمتلازمة توريت والتي تتداخل مع الأنشطة اليومية للمريض، ونلفت الانتباه أنه في حالة وصف الأدوية لتخفيف أعراض المتلازمة فإنها تكون موصوفة حصراً من قبل الطبيب:[2][3]
العلاج بالأدوية
- الأدوية التي تقلل من مستويات الناقل العصبي دوبامين: والتي تعطى في الحالات التي تكون فيها مستويات الدوبامين (بالإنجليزية: Dopamine) مرتفعة، حيث تساعد هذه المجموعة من الأدوية في السيطرة على التشنجات غير الإرادية، ومن أمثلة تلك العقاقير فلوفينازين (الإنجليزية: Fluphenazine) وهالوبيردول (بالإنجليزية: Haloperidol) وريسبيريدون (بالإنجليزية: Risperidone).
- حقن البوتكس (Botox injection): تساعد حقن البوتكس في المنطقة المصابة على تخفيف التشنجات الحركية أو الصوتية في الوجه.
- أدوية مثبطات الأدرينالين المركزية: مثل أدوية كلونيدين (بالإنجليزية: Clonidine) وغوانفاسين (بالإنجليزية: Guanfacine) التي تساعد في السيطرة على الأعراض السلوكية الشديدة، مثل التحكم في الهجمات الغاضبة أو الاندفاعات التي قد يبديها المريض.
- مضادات الاكتئاب: يساعد دواء فلوكسيتين (بالإنجليزية: Fluoxetine) المعروف عالمياً باسم عقار بروزاك (بالإنجليزية: Prozac) في تخفيف الأعراض، مثل: الحزن، والقلق، والوسواس القهري التي قد ترافق مريض متلازمة توريت. [2][3]
العلاج السلوكي والنفسي
يقف العلاج السلوكي جنباً إلى جنب مع العلاج الدوائي لكي يساند المريض في رحلة التعايش مع هذه الأعراض والتأقلم مع وضعه. تشمل بعض من هذه العلاجات السلوكية:[1][2][3]
- التداخل السلوكي المعرفي (Cognitive Behavioral Interventions): يهدف العلاج السلوكي المعرفي (بالإنجليزية: Cognitive Behavioral Interventions) إلى التدريب على مراقبة التشنجات غير الإرادية، وتعويد المريض على عكس الحركة غير الإرادية بوعي وبشكل متعمد.
- العلاج النفسي: قد تحتاج إلى التحدث مع طبيبك النفسي الذي سيقوم بدعمك ببعض من النصائح المهمة، والتي ستعينك على التعايش مع متلازمة توريت بدون خجل ضمن المجتمع.
- تحفيز الدماغ العميق: هناك تقنية جديدة تدعى بتحفيز الدماغ العميق (بالإنجليزية: DBS Deep brain stimulation) يتم اللجوء إليها في الحالات التي لا تستجيب للأدوية أو العلاجات السلوكية، تتضمن تقنية (DBS) زرع جهاز طبي في الدماغ لتوصيل شحنات كهربائية لبعض مناطق الدماغ المسؤولة عن الحركة، ولا يزال تطبيق هذا العلاج محدوداً على مرضى متلازمة توريت حتى يتم التأكد من مدى فعاليته وأمانه.
إن التعايش مع متلازمة توريت ليس بالأمر السهل، لكن من المهم أن تدرك بأن أعراض هذه المتلازمة لن تؤثر على طبيعة حياتك بشكل كامل، سيساهم تقبلك لوضعك والتزامك بالعلاج الموصوف من قبل الطبيب بالتخفيف من الأعراض المرافقة، ومن المهم أيضاً عدم العزلة الاجتماعية، حيث إن الانخراط الأكبر في المجتمع يسهل عليك وعلى غيرك تقبل مشكلتك ودفعك لتجاوزها مع مرور الأيام.