ما هو مرض السل
نناقش في السطور القادمة المعلومات الهامة والأساسية عن مرض السل، من حيث مفهوم المرض نفسه، والأعراض والأنواع وعوامل الخطورة، بالإضافة إلى المضاعفات وكيفية التشخيص، وطرق الوقاية والعلاج.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
كان مرض السل فيما مضى من الأوبئة الفتاكة والمسؤولة عن الغالبية العظمى من حالات الوفيات، لكن بفضل التقدم في المجال الطبي في مجال الأدوية واللقاحات؛ أصبح علاجه ممكناً مما ساعد على انخفاض معدل الوفيات بشكل ملحوظ. فما هي أعراضه وأسبابه وطرق علاجه؟
ما هو مرض السل
مرض السل أو مرض الدرن (بالإنجليزية: Tuberculosis) هو أحد الأمراض المعدية التي يتسبب فيها نوع من البكتيريا تسمى المتفطرة السلية (بالإنجليزية: Mycobacterium tuberculosis)، التي تصيب عادةً الرئتين لكن أحياناً قد تهاجم أعضاء أخرى بالجسم كالكليتين، أو المخ، أو العمود الفقري.
أما عن انتقال عدوى مرض السل من شخص لآخر فتكون عن طريق انتقال البكتيريا عبر الهواء عند العطس أو السعال، ووفقاً لنوع الإصابة. [1] [2]
أنواع مرض السل
تنقسم الإصابة بعدوى السل إلى نوعين أساسيين بناءً على مدى مقاومة الجهاز المناعي للجسم في احتوائه على البكتيريا، أما عن هذين النوعين فهما: [1] [3]
مرض السل الخامل
يصاب الشخص بالبكتيريا المسببة للعدوى لكن لا يظهر عليه أعراض؛ وذلك بسبب قدرة الجهاز المناعي الدفاعية، فتظل البكتيريا داخل الجسم غير نشطة؛ ومن ثَمَّ لا تنتقل العدوى من هذا الشخص لآخر. لكن هذا لا يتعارض مع ضرورة علاج عدوى السل الخاملة (بالإنجليزية: Latent TB)؛ لأنه قد يتحول إلى النوع النشط في أي وقت.[1] [3]
مرض السل النشط
عندما يكون الجهاز المناعي في حالة ضعف بسبب المرض أو تناول أدوية معينة، لا يتمكن من مواجهة البكتيريا والسيطرة عليها؛ فتنتهز البكتيريا هذه الفرصة وتضاعف عددها وتسبب ظهور الأعراض؛ مما يجعل انتقال المرض إلى شخص آخر ممكناً، لكن ذلك يستغرق من أسابيع إلى سنوات.[1] [3]
أعراض مرض السل
يقتصر ظهور الأعراض على النوع النشط من السل، التي قد تصيب الرئتين أو أجزاء أخرى من الجسم، وتشمل هذه الأعراض ما يلي: [4] [5]
- السعال المدمي أو السعال المصحوب بالبلغم.
- ألم الصدر.
- السعال الذي يدوم لأكثر من 3 أسابيع.
- الضعف العام والإرهاق دون سبب.
- الرعشة.
- فقدان الشهية.
- التعرق ليلاً.
- خسارة الوزن.
- البول المدمي، وخلل بوظائف الكلى عند إصابة الكليتين.
- الارتباك، والغثيان والقيء، وفقدان الوعي عند وصول العدوى إلى المخ.
- ألم بالظهر مع الإصابة بشد عضلي، واعوجاج بالعمود الفقري عند إصابته بالبكتيريا.
أسباب مرض السل
يرجع السبب الرئيس في الإصابة بهذا المرض إلى بكتيريا المتفطرة السلية، التي يظهر تأثيرها في حالة ضعف الجهاز المناعي؛ فتسبب انتشار المرض وانتقاله بين الأشخاص عن طريق الرذاذ في الهواء عند العطس، أو السعال، أو التحدث. بالرغم من أن مرض السل من الأمراض المعدية، إلا أن الإصابة به لا تحدث إلا عند التعامل المباشر مع الشخص المريض. [3]
عوامل الخطورة
توجد مجموعة عوامل تؤثر على الجهاز المناعي بشكل ملحوظ؛ مما يسهم في زيادة فرص الإصابة بعدوى السل؛ مثل: [1] [3] [4]
- الإصابة بفيروس نقص المناعة البشري (بالإنجليزية: HIV).
- التدخين.
- النحافة.
- داء السكري.
- الإصابة بمرض السحار السيليسي (بالإنجليزية: Silicosis) الذي يحدث نتيجة استنشاق الغبار الذي يحتوي على السيليكا.
- أمراض الكلى الشديدة.
- سرطان الرقبة والرأس.
- الأدوية المستخدمة لمنع رفض الجسم للأعضاء المزروعة.
- العلاج الكيميائي.
- سوء التغذية.
- السفر إلى أماكن بها معدلات الإصابة مرتفعة؛ مثل: أفريقيا، وشرق أوروبا، وأمريكا اللاتينية، وروسيا.
- إدمان المواد المخدرة، أو المشروبات الكحولية.
- العمل أو العيش في أماكن مزدحمة وسيئة التهوية، كالمصحات النفسية، ودور الرعاية، والسجون.
- أدوية علاج أمراض معينة كالصدفية، والتهاب المفاصل الروماتويدي، ومرض كرونز.
مضاعفات مرض السل
يؤدي عدم علاج حالات الإصابة بمرض السل إلى الكثير من المضاعفات شديدة الخطورة التي قد تؤدي إلى الوفاة؛ مثل: [1] [3]
- التضرر الدائم للرئتين.
- ألم العمود الفقري، وتيبس الفقرات.
- التهاب المفاصل.
- التهاب الأغشية السحائية (بالإنجليزية: Meningitis).
- خلل بوظائف الكبد والكلى.
- الاندحاس القلبي (بالإنجليزية: Cardiac tamponade).
- الإنتان أو تسمم الدم.
كيفية التشخيص
يبدأ الطبيب أولى خطوات التشخيص بفحص رئتي المريض باستخدام السماعة الطبية؛ ليتمكن من سماع أي أصوات غريبة عند عملية التنفس، كذلك يفحص الغدد الليمفاوية للتأكد من وجود تورم من عدمه، ثم يوصي بعمل عدد من الاختبارات والأشعة التشخيصية والتأكيدية؛ مثل: [3] [4]
اختبار الجلد
يعد اختبار الجلد من أكثر الاختبارات شيوعاً في تشخيص مرض السل، وفيه يُحقَن المريض بكمية بسيطة من مادة السلين أو التوبركولين (بالإنجليزية: Tuberculin) تحت الجلد في الجزء الداخلي من الساعد، ثم بعد يومين إلى 3 أيام يفحص الطبيب مكان الحقن بالذراع، فإذا كان هناك جزء صلب به احمرار ومتورم فهذا دليل على الإصابة بعدوى السل.
أحياناً لا تكون نتيجة هذا الاختبار دقيقة؛ حيث تظهر نتيجة إيجابية بالرغم من عدم إصابة الشخص بالسل، وذلك إذا كان المريض تلقى مؤخراً لقاح السل BCG.
اختبار الدم
يساعد هذا الاختبار على تحديد رد فعل الجهاز المناعي ضد البكتريا؛ فيحدد إذا كانت العدوى خاملة أم نشطة، ويتميز هذا الاختبار أنه يمكن إجراؤه إذا كانت نتيجة اختبار الجلد سلبية بالرغم من كون الشخص معرضاً للإصابة، أو تلقَى اللقاح؛ لذا أحياناً يفضل الأطباء عمل اختبار الدم أولاً قبل اختبار الجلد.
الأشعة السينية على الصدر
إذا كانت نتيجة أياً من الاختبارين السابقين إيجابية، حينها ينصح الطبيب بعمل أشعة سينية؛ لإظهار البقع البيضاء في الرئتين، التي تشير إلى محاولة الجسم في عزل البكتيريا المسببة لعدوى السل، فإذا كانت نتيجة الأشعة سلبية فذلك إما دليل على أن البكتيريا خاملة، أو عدم صحة الاختبار، الذي يحتاج إلى الإعادة مرة أخرى.
تحليل عينة البلغم
إذا أكدت نتيجة الأشعة الإصابة بالسل، يُجري الطبيب بعدها تحليل لعينة من البلغم الناتج عن السعال، ففي حال كانت إيجابية فتشير إلى أن الشخص يمكن أن ينقل العدوى لمن حوله. يمكن أيضاً الاستفادة من هذا التحليل في تحديد سلالات بكتيريا السل المقاومة للأدوية؛ حتى يتمكن الطبيب من تحديد الأدوية الفعالة.
علاج مرض السل
تعد المضادات الحيوية العلاج الفعال ضد البكتيريا المسببة لمرض الدرن، لكن اختيار النوع المناسب ومدة العلاج يتوقفان على عدة عوامل، هي: [1] [3] [4]
- السن.
- الحالة الصحية العامة للمريض.
- نوع العدوى ومكانها.
- مقاومة سلالة البكتيريا للأدوية من عدمها.
تختلف خطة العلاج على حسب نوع العدوى؛ حيث إن علاج مرض السل الخامل يحتاج إلى نوع أو نوعين من المضادات الحيوية، وتستغرق مدة العلاج من أسبوع إلى 3 أشهر، بينما العدوى النشطة تحتاج إلى أنواع عديدة من الأدوية لمدة تتراوح من 6 إلى 9 أشهر، ومن أمثلة تلك الأدوية ما يلي:
- أيزونيازيد (الاسم التجاري: أيزونيازيد).
- ريفامبين (الاسم التجاري: ريماكتان، وريفادين).
- إيثامبيوتول (الاسم التجاري: ميامبيوتول).
- ريفابنتين (الاسم التجاري: بريفتين).
- بيرازيناميد (الاسم التجاري: بيرازيناميد).
أما إذا كانت البكتيريا من النوع المقاوم للأدوية، فإنه يُوصف نوع من المضادات الحيوية المركبة تسمى فلوروكينولون، بالإضافة إلى أدوية أخرى تؤخذ عن طريق الحقن كالأميكاسين (الاسم التجاري: أميكين)، وتستغرق مدة العلاج من 20 إلى 30 شهراً.
مع ذلك فإن هناك أنواعاً معينة من مرض السل تقاوم الأدوية السابقة أيضاً؛ لذلك تؤخذ أدوية أخرى إضافية تحسباً لهذا الاحتمال، ومن أمثلة هذه الأدوية التالي:
- بيداكويلين (الاسم التجاري: سيرتورو).
- لينزوليد (الاسم التجاري: زيفوكس).
مع الأسف فإن استخدام هذه الأدوية قد يؤدي إلى عدد من الآثار الجانبية شديدة الخطورة التي تدل على تضرر الكبد؛ مثل:
- لون البول الداكن.
- فقدان الشهية.
- الغثيان أو القيء دون سبب.
- الحُمى التي تستمر لأكثر من 3 أيام.
- الصفراء (بالإنجليزية: Jaundice).
- النزيف.
طرق الوقاية من مرض السل
يُنصح مريض السل باتباع عدد من الإجراءات الوقائية البسيطة لحماية الآخرين من الإصابة بالعدوى، مثل: [1] [4]
- العزل المنزلي لحين الشفاء التام.
- التهوية الجيدة للغرفة.
- التشخيص والعلاج المبكر.
- ارتداء قناع وقائي أي الكمامة.
- تغطية الفم عن العطس أو السعال.
- الانتهاء من المدة المحددة للعلاج؛ للتأكد من القضاء على العدوى تماماً.
لعل الخطوة الأهم من طرق الوقاية من عدوى السل هي تلقي لقاح السل المعروف باسم عصية كالميت غيران (بالإنجليزية: Bacillus Calmette-Guérin) للأطفال الذين يعيشون في مناطق ترتفع فيها احتمالية الإصابة بهذا المرض.
ختاماً نجد أن تناقص معدلات الإصابة بمرض السل، لا ينفي إمكانية حدوث العدوى إذا توفرت العوامل المساعدة على ذلك؛ لذا لا بد من اتباع كافة تعليمات الوقاية، وبالطبع عدم استخدام أي دواء دون استشارة الطبيب المختص.