فقر الدم المنجلي
فقر الدم المنجلي هو مرض وراثي يصيب خلايا الدم الحمراء وينتج عن شذوذ في الهيموجلوبين، وهو بروتين مسؤول عن نقل الأكسجين من الرئتين إلى جميع أنسجة الجسم.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
في الحالة الطبيعية، تكون خلايا الدم الحمراء ذات شكل قرص، وهي مرنة ويمكن أن تمر بسهولة حتى في الشعيرات الدموية الدقيقة. لكن عند الأشخاص الذين يعانون من فقر الدم المنجلي، تكون خلايا الدم الحمراء ذات شكل غير طبيعي، تشبه المنجل أو الهلال، نتيجةً لذلك، فإنها قد تتجمع وتتراكم في الأوعية الدموية الصغيرة مما يمنع الدم من الوصول إلى جميع أجزاء الجسم. هذا الأمر قد يسبب تلفًا للأنسجة التي لا تحصل على الأكسجين. بالإضافة إلى ذلك، تكون خلايا الدم الحمراء عند الأشخاص المصابين بمرض الخلايا المنجلية أكثر ضعفًا، وهي تعيش لفترة أقصر مما قد يؤدي إلى فقر دم حاد.
يؤثر فقر الدم المنجلي بشكل رئيسي على السكان في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط ومنطقة البحر الكاريبي وآسيا. لكن في العقود الماضية، أدت الهجرة في العالم إلى انتشار المرض في جميع مناطق العالم، بما في ذلك دول شمال القارة الإفريقية.
فقر الدم المنجلي هو مرض خطير يستمر مدى الحياة، حتى لو تم الكشف عنه في مرحلة مبكرة، إلا أن العلاج المبكر قد يساهم في تحسين نوعية حياة المرضى.
الأعراض
عادة ما تظهر الأعراض الناتجة عن فقر الدم المنجلي في سن مبكرة، ويمكن أن تظهر في وقت مبكر من الأشهر الأولى من الحياة.
من بين الأعراض الرئيسية التي يمكن أن تحدث:
- نوبات ألم تحدث بشكل مفاجئ وسريع (حادة)
- العدوى
- فقر دم شديد
نوبات الألم
الألم الحاد المفاجئ، أو الأزمة المنجلية، هو أحد الأعراض الأكثر شيوعًا لفقر الدم المنجلي ويحدث عندما تمنع خلايا الدم الحمراء المنجلية مرور الدم إلى جزء من الجسم.
المناطق الأكثر تضررًا هي:
- اليدين أو القدمين (خاصة عند الأطفال)
- الصدر
- الظهر (العمود الفقري)
- الفخذين
- البطن
- الساقين والذراعين
يمكن أن يستمر الألم لبضع ساعات أو عدة أسابيع وقد يتطلب دخول المستشفى. كما أن تواتر الألم يكون متغيرًا، في بعض الحالات، يكون الألم نادرًا (مرة واحدة في السنة)، في حين يعاني البعض من الألم أكثر من 15 مرة في السنة.
الظروف الجوية غير المواتية (كالرياح أو المطر أو البرد) أو الجفاف أو الإجهاد أو ممارسة التمارين الرياضية الشاقة قد تكون سببًا لحدوث نوبة الألم.
العدوى
يعاني الأشخاص المصابون بفقر الدم المنجلي من العدوى التي يمكن أن تكون خفيفة مثل الزكام، أو شديدة ومميتة مثل التهاب السحايا.
التطعيمات والعلاج بالمضادات الحيوية منذ الطفولة تساعد في تقليل مخاطر حدوث العدوى.
فقر دم
تموت خلايا الدم الحمراء المنجلية في وقت أبكر بكثير من الخلايا الطبيعية. يبلغ متوسط عمر خلايا الدم الحمراء الطبيعية حوالي 120 يومًا، أما الخلايا المنجلية فهي تعيش من 10 - 20 يومًا على الأكثر. يؤدي انخفاض عدد خلايا الدم الحمراء إلى فقر الدم الذي يستمر ويتطور بمرور الوقت. ويتجلى بأعراض من أبرزها:
- شعور مستمر بالتعب
- سرعة ضربات القلب
- صداع
- دوخة وإغماء (في الحالات الشديدة)
قد يؤدي الانخفاض الحاد في عدد خلايا الدم الحمراء إلى ضرورة نقل الدم للمريض.
أعراض أخرى
- تأخر النمو في الطفولة وتأخر النضوج الجنسي
- تشكل حصوات ي المرارة والتي يمكن أن تسبب آلامًا في البطن واصفرار لون الجلد والعينين (يرقان)
- ألم في العظام والمفاصل
- انتصاب القضيب بشكلٍ مستمر ومؤلم والذي يمكن أن يستمر أحيانًا لعدة ساعات
- تقرحات في الساقين
- انقطاع أو انسداد تدفق الدم إلى الدماغ (سكتة دماغية أو نوبة إقفارية عابرة)
- مرض رئوي حاد يسمى متلازمة الصدر الحادة، والتي يمكن أن تسبب الحمى والسعال وألم في الصدر وصعوبة في التنفس
- انتفاخ الطحال الذي يمكن أن يسبب ضيق في التنفس وسرعة دقات القلب وآلام في البطن وانتفاخ البطن
- مشاكل في الرؤية (رؤية مشوشة - ضعف الرؤية الليلية - فقدان مفاجئ للرؤية)
- ارتفاع ضغط الدم في الأوعية الدموية التي تنقل الدم من القلب إلى الرئتين (ارتفاع ضغط الدم الرئوي)
- مشاكل في الكلى أو المسالك البولية، بما في ذلك الدم في البول وسلس البول
الأسباب
أسباب فقر الدم المنجلي وراثية فقط، فالطريقة الوحيدة للإصابة بالمرض هي وراثة الجين المعيب من كلا الوالدين. ولا يكون سببه سلوك الوالدين قبل الحمل أو أثناءه، ولا يمكن أن يصاب به المرضى غير المصابين.
وراثة فقر الدم المنجلي
تكون الجينات في الشفرة الجينية لكل شخص على شكل أزواج، كل منها يتكون من نسخة واحدة من الأم وواحدة من الأب.
الجينات موجودة في كل خلية من خلايا الجسم وتحتوي على مجموعة من التعليمات التي تحدد خصائص كل فرد مثل لون العينين والشعر.
عند الأشخاص المصابين بفقر الدم المنجلي، تكون الجينات المشاركة في إنتاج الهيموجلوبين معيبة وتسبب تطور هيموجلوبين غير طبيعي، والذي يترسب داخل خلايا الدم الحمراء ويؤدي إلى تغير في شكلها، فتصبح خلية منجلية.
لكي يولد الطفل مصابًا بفقر الدم المنجلي، يجب أن يرث نسخة واحدة من الجين من كلا الوالدين.
لا يحدث هذا إلا إذا كان الوالدين حاملين للجين المعيب، فإذا كان أحد الوالدين حاملًا للجين المعيب والآخر ليس كذلك، لا يمكن أن يولد طفل مريض.
إذا كان كلا الوالدين حاملين لجينات الخلايا المنجلية فإن احتمال الطفل هي:
- نسبة 25٪ يكون الطفل سليم تمامًا، أي أن يرث من والديه الجينات السليمة فقط، فيكون غير مصاب بفقر الدم المنجلي ولا يحمل صفة المرض، هذا يضمن أن أبناء هذا الطفل في المستقبل سيكونون غير مصابين حتى لو تزوج من شخص مصاب أو حامل للجين المعيب.
- نسبة 50٪ يكون الطفل حاملًا لصفة الخلايا المنجلية، أن أنه يرث جين معيب واحدة فقط من أحد الوالدين، في حين يكون الجين الثاني سليمًا، لهذا، لا يكون الطفل مصابًا بمرض فقر الدم المنجلي، لكنه حامل لصفة المرض، وقد يصاب أبناؤه في المستقبل بالمرض إذا تزوج من شخص أخر حامل للصفة.
- نسبة 25٪ أن يرث الطفل الجين المعيب من كلا الوالدين، هذا يعني أنه سوف يولد مريضًا.
التشخيص
يتم تشخيص فقر الدم المنجلي عن طريق فحص الدم الذي يجب أن يتم في مركز متخصص أو معتمد لهذا النوع من التحليل.
يمكن إجراء فحص الدم في أي وقت في الحياة، وهو يستخدم لتحديد ما إذا كان الشخص مريضًا أو حاملًا لصفة الخلايا المنجلية، وهو يساعد في تقييم احتمال إصابة أبناءه بالمرض أيضًا.
التشخيص قبل الولادة
بفضل التقنيات المتطورة، يمكن حاليًا تشخيص فقر الدم المنجلي أثناء الحمل. لكن هذه الاختبارات معقدة وتتطلب مراكز متخصصة.
التشخيص بعد الولادة
عند حديثي الولادة، يمكن التحقق من الطفل عن طريق الدم في الحبل السري أو بأخذ عينة دم صغيرة من الكعب.
العلاج
يتطلب فقر الدم المنجلي علاجًا دائمًا يستمر مدى الحياة. يمكن استخدام بعض الأدوية والسلوكيات للتخفيف من الاضطرابات الناجمة عن المرض:
الوقاية من نوبات الألم
لتقليل احتمالية حدوث نوبة ألم مفاجئة وحادة، يجب تجنب المحفزات المحتملة مثل:
- تجنب الجفاف بشرب الكثير من السوائل
- تجنب البرد من خلال ارتداء ملابس دافئة
- تجنب التغيرات المفاجئة في درجة الحرارة مثل السباحة في الماء البارد
إذا تكررت نوبات الألم، يمكن استخدام دواء "هيدروكسي يوريا"، لكن نظرًا لأنه يمكن أن يتسبب في انخفاض عدد خلايا الدم الأخرى مثل خلايا الدم البيضاء والصفائح الدموية، لذلك، فمن المستحسن إجراء اختبارات الدم بانتظام للتحقق من عدد الخلايا.
علاج الألم
يمكن عادة تخفيف أعراض الألم من خلال:
مسكنات الألم التي تباع بدون وصفة طبية، مثل الأسيتامينوفين أو الإيبوبروفين (لا ينبغي إعطاء الأسبرين للأطفال دون سن 16)
تجنب الجفاف عن طريق شرب السوائل
تطبيق ضمادات دافئة على الجزء المصاب من الجسم وتدليكه بلطف
الإلهاء للتخفيف من الألم، قد يرغب الأطفال في قراءة قصة أو مشاهدة فيلم أو لعب لعبة على الكمبيوتر
إذا لم تنجح هذه الإجراءات، أو إذا أصبح الألم أشد، من الضروري استشارة الطبيب المعالج، في حال عدم القدرة على التواصل مع الطبيب، يمكن زيارة أقرب غرفة طوارئ فقد يكون من الضروري العلاج في المستشفى وأخذ المسكنات القوية مثل المورفين (الذي يمكن أن يعطى للأطفال أيضًا.
الوقاية من العدوى
الأشخاص المصابون بفقر الدم المنجلي أكثر عرضة للإصابة بالعدوى، لذلك، من المهم تقليل مخاطر حدوثها.
يشمل العلاج الوقائي للعدوى أخذ المضادات الحيوية بانتظام (البنسلين) تحت الإشراف الطبي، وذلك اعتبارًا من الشهر الثاني من العمر.
يجب أن يحصل الأطفال على جميع اللقاحات الأساسية مثل التهاب الكبد B، بالإضافة إلى لقاحات أخرى مثل لقاح الإنفلونزا الذي يعطى كل سنة.
علاج فقر الدم
غالبًا ما يسبب فقر الدم أعراضًا خفيفة وقليلة وقد لا تكون هناك حاجة إلى علاجها.
المكملات الغذائية مثل حمض الفوليك (الذي يساعد على تحفيز إنتاج خلايا الدم الحمراء).
يجب استشارة الطبيب قبل تناول مكملات الحديد لأن هذا المرض ليس ناجمًا عن نقص الحديد.
إذا كان فقر الدم شديدًا أو مستمرًا فقد تكون هناك حاجة لإجراء نقل الدم أو العلاج باستخدام هيدروكسي يوريا.
زرع الخلايا الجذعية أو زراعة نخاع العظم
إن زرع الخلايا الجذعية أو زراعة نخاع العظام هو العلاج الوحيد المتاح حاليًا لمرض فقر الدم المنجلي. وهو يتضمن زراعة الخلايا الجذعية المأخوذة من نخاع عظم شخص متبرع متوافق مع المريض، لسوء الحظ، لا يمكن إجراء الزرع إلا للقليل من الحالات، بسبب ندرة المتبرعين المناسبين والآثار الضارة غير المرغوب فيها المرتبطة بهذا العلاج.
علاج المشاكل الأخرى
يمكن أن يسبب فقر الدم المنجلي اضطرابات أخرى تتطلب العلاج:
- تأخر النضج الجنسي: يمكن علاجه بدورة قصيرة من الأدوية الهرمونية
- حصى المرارة: يمكن التخلص منها بجراحة استئصال المرارة
- الانتصاب المستمر واللاإرادي: يمكن علاجه بالأدوية التي تحفز تدفق الدم أو باستخدام إبرة لتصريف الدم من القضيب
- تقرحات الأطراف السفلية: يمكن علاجها بتنظيف الجروح وتضميدها بضمادات
- السكتة الدماغية: قد يحتاج الأشخاص المعرضون لخطر الإصابة بالسكتة الدماغية أو الذين أصيبوا بها إلى عمليات نقل دم منتظمة أو العلاج باستخدام هيدروكسي يوريا
- متلازمة الصدر الحادة: هذه حالة طارئة تتطلب العلاج بالمضادات الحيوية ونقل الدم والأكسجين والسوائل التي تُعطى عن طريق الوريد
بشكلٍ عام، يمكن السيطرة على الاضطرابات الناجمة عن فقر الدم المنجلي والوقاية منها من خلال العلاجات الدوائية والتدابير التي ذكرناها، هذا يساعد المريض على البقاء بصحة جيدة والعيش حياة طبيعية.
الحمل ومنع الحمل
يمكن للنساء المصابات بفقر الدم المنجلي الحمل بشكلٍ طبيعي، ولكن من المهم استشارة طبيب أمراض النساء للأسباب التالية:
- قد يكون شريكها حاملًا لجين فقر الدم المنجلي، في هذه الحالة، قد تكون الاستشارة الوراثية مفيدة لمناقشة احتمال ولادة طفل مصاب بالمرض.
- بعض الأدوية المستخدمة في علاج فقر الدم المنجلي مثل هيدروكسي يوريا يمكن أن تؤذي الجنين.
- أثناء الحمل، هناك خطر زيادة أعراض مثل نقص عدد كريات الدم الحمراء والألم، كما يزيد خطر بعض المضاعفات مثل الإجهاض وتسمم الحمل.
إذا كنت لا تخططين للحمل، فأنتِ بحاجة إلى استخدام وسيلة موثوقة لمنع الحمل.
الاحتياطات الواجب مراعاتها قبل الخضوع للجراحة
إذا كان عليك الخضوع لعملية جراحية تحت التخدير العام، من الضروري إخبار الأطباء بأنك تعاني من فقر الدم المنجلي. في الواقع، يمكن أن يسبب التخدير العام مشاكل للأشخاص الذين يعانون من فقر الدم المنجلي مثل زيادة الأعراض. لتجنب حدوث ذلك، قد يكون من الضروري إجراء مراقبة دقيقة ومستمرة أثناء الجراحة للتأكد من أن المريض لديه إمدادات كافية من السوائل والأكسجين وللتأكد من دفئه. أيضًا، قد تكون هناك حاجة إلى نقل الدم قبل الجراحة أو بعدها.
متى يجب أن تزور الطبيب
يمكن أن يسبب فقر الدم المنجلي عددًا من المشكلات الخطيرة التي يمكن أن تحدث فجأة وتتطلب رعاية طبية:
- ارتفاع درجة حرارة الجسم (الحمى) 38 درجة مئوية أو أكثر
- ألم شديد لا يخف بعد أخذ مسكنات الألم
- صداع شديد أو تصلب في الرقبة
- صعوبة في التنفس
- شحوب الجلد أو الشفتين
- انتفاخ مفاجئ في البطن
- انتصاب مؤلم يستمر لأكثر من ساعتين
- صعوبة في الكلام
- ضعف في أحد جانبي الجسم أو كليهما
- تغييرات في الرؤية أو فقدان مفاجئ للرؤية
في حالة حدوث أي من هذه الاضطرابات، يجب عليك الاتصال على الفور بطبيبك أو بالمركز المتخصص حيث يتم علاجك، وإذا لم يكن من الممكن الوصول إليهم، فانتقل إلى أقرب غرفة طوارئ أو اتصل برقم الطوارئ لاستدعاء سيارة إسعاف. وحين يصل المسعفون، من المهم أن تبلغهم بمعلومات عن مرضك.