صيام رمضان ومرضى الكولسترول
يغيّر رمضان أنظمة حياتنا بشكل عام، فكيف يؤثر صيام رمضان في حياة مرضى الكولسترول؟ وما هي أهم النصائح المقدمة لهم لتحقيق أقصى استفادة من الصيام؟ تعرف على ذلك وأكثر من خلال هذا المقال.
ما هو الكولسترول
يعد الكولسترول (بالإنجليزية: Cholesterol) مركباً مهماً يشكل نوعاً من أنواع من الدهون، فهو عبارة عن مادة شمعية ينتجها الكبد بشكل طبيعي، تتجلى أهميته في كونه يلعب دوراً حيوياً في أداء الجسم لوظائفه، فهو ضروري لبناء الخلايا، وبعض الهرمونات، وإنتاج فيتامين د.[1]
يُنقَل الكولسترول عبر الدم عن طريق ارتباطه ببروتينات خاصة تسمى البروتينات الدهنية أو البروتينات الشحمية (بالإنجليزية: Lipoproteins) نظراً لأنه مركب لا يذوب في الماء، فتقوم هذه النواقل البروتينية بنقل الكولسترول من الخلايا وإليها، وتجدر الإشارة هنا أن للكولسترول نوعين رئيسيين، ويختلفان عن بعضهما باختلاف نوع الناقل البروتيني الدهني:[2]
- البروتين الدهني منخفض الكثافة، (بالإنجليزية: Low Density Lipoprotein or LDL)، وهو ما يعُرف بالكولسترول الضّار أو السيئ.
- البروتين الدهني عالي الكثافة، (بالإنجليزية: High Density Lipoprotein or HDL)، ويشار إليه عادةً بالكولسترول الجيد أو المفيد.
بناءً على ما سبق، فإن زيادة الكولسترول الضار وارتفاع مستوياته في الدم ترفع خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية؛ مثل النوبة القلبية والسكتة الدماغية.[1]
مرضى الكولسترول في رمضان
يعد شهر رمضان كنزاً ثميناً لمرضى الكولسترول، لما له من آثار إيجابية على صحتهم، فهو شكل من أشكال تغيير النمط الغذائي من خلال الامتناع عن الطعام طول فترة الصيام، يمكنك استثمار ذلك من خلال تحويل وجبتي السحور والإفطار إلى وجبات صحية، وزيادة نشاطك البدني على مدار اليوم، يأتي ذلك في ضوء ما أثبتته الدراسات من فوائد الصيام لمرضى الكولسترول، نذكر منها ما يلي:[3]
- يخفّض من مستويات الكولسترول الضار (بالإنجليزية: Low Density Lipoprotein or LDL)، ففي دراسة تم إجراؤها في دولة المغرب خلال صيام شهر رمضان، أظهرت نتائج الدراسة انخفاضاً كبيراً في إجمالي تركيز الكولسترول الضار، كما لوحظ انخفاضاً في تركيز الدهون الثلاثية (بالإنجليزية: Triglycerides) أيضاً.
- يرفع من مستويات الكولسترول الجيد (بالإنجليزية: High Density Lipoprotein or HDL)، حيث أظهرت نتائج الدراسة السابقة أن التأثير الإيجابي أيضاً يظهر على شكل ارتفاع في الكولسترول الجيد، ففي نهاية رمضان كان الارتفاع فيه ملحوظاً كما وُجِدَ أنه تم الحفاظ على هذه النتائج حتى بعد شهر من انتهاء رمضان.
- فرصة لتغيير النظام الغذائي، حيث إن النمط الغذائي المُتبع للأفراد المشاركين في الدراسة كان يحتوي على الكربوهيدرات والبروتينات، لكنه يخلو من الدهون، الأمر الذي أدى إلى خسارة الوزن الزائد الذي يرتبط بارتفاع الكولسترول، وتشير هذه النتائج إلى أن سلوك التغذية المُتَّبع خلال شهر رمضان يؤثر على مستويات الدهون في الدم، ومستويات البروتينات الدهنية (بالإنجليزية: Lipoprotein).
نصائح لمرضى الكولسترول في رمضان
يعود الصيام بمنافع كثيرة على مرضى الكولسترول، لكن ذلك لا يغنيهم عن اتباع نمط حياة صحي متكامل سواءً كان خلال شهر رمضان أو خارجه وذلك لعلاج ارتفاع الكولسترول، مع العلم أن الصيام يعتبر فرصة لمضاعفة الاستفادة، إليك أهم التوصيات المهمة التي يُنصح باتباعها: [4]
تناول الأطعمة التي تدعم صحة القلب
حيث يمكن أن تقوم بعض التغييرات في نظامك الغذائي للتقليل من الكولسترول وتحسين صحة قلبك، فعند تحضيرك لوجبات السحور والإفطار لا بد لك أن تراعي ما يلي:
- تقليل الدهون المُشبعة (بالإنجليزية: Saturated fats)، كتلك الموجودة في اللحوم الحمراء والحليب ومشتقاته.
- استثناء الدهون المتحولة (بالإنجليزية: Trans fats) من نظامك الغذائي، وغالباً ما يتم تقديمها بعد وجبات الإفطار حيث تتواجد في بعض المواد الغذائية، مثل: السمن الصناعي، والمخبوزات، والمقرمشات، والكعك، حيث وُجِد أن الدهون المتحولة ترفع مستويات الكولسترول الإجمالية.
- تناول الأطعمة الغنية بالأوميغا 3 (بالإنجليزية: Omega-3)، فمن الممكن أن يكون طبقك الرئيسي عند الإفطار، حيث تشمل الأطعمة التي تحتوي عليه: سمك السلمون، والجوز، وبذور الكتان.
- زيادة الألياف الذائبة في الماء (بالإنجليزية: Soluble fiber)، حيث تقلل الألياف القابلة للذوبان امتصاص الكولسترول في مجرى الدم، وتوجد الألياف القابلة للذوبان في بعض الأطعمة؛ مثل: دقيق الشوفان، والفاصوليا الحمراء، والتفاح، والكمثرى.
- تناول الواي بروتين أو مسحوق مصل اللبن (بالإنجليزية: whey protein)، فقد أظهرت الدراسات أن تناوُل بروتين مصل اللبن كمكمل غذائي يقلل قيم الكولسترول الكلي، بما في ذلك الكولسترول الضار، كما يقلل من ضغط الدم، ويمكنك تناوله في وجبة السحور قبل بدء الصيام بنصف ساعة لقيمته العالية بالبروتين، إذ يمنحك شعوراً بالشبع.[5]
ارفع نشاطك البدني
تؤدي ممارسة التمارين الرياضية إلى تحسُّن قيم الكولسترول، حيث يمكن أن يساعد النشاط البدني المعتدل في زيادة مستويات الكولسترول الجيد (بالإنجليزية: High density lipoprotein or HDL)، قد يظن البعض أن ذلك صعباً، لكن سيكون كافياً لو مارست الرياضة لمدة نصف ساعة 5 مرات أسبوعياً، أو أن تقوم بممارسة التمارين الهوائية القوية لمدة 20 دقيقة ثلاث مرات أسبوعياً، يُنصح بأن لا تتمرن أثناء فترة الصيام لتجنب الهدم العضلي والشعور بالتعب، كما يمكنك استشارة الطبيب عن أفضل أنواع التمارين وأوقاتها المناسبة.[5]
توقف عن التدخين
يعد رمضان فرصةً ممتازة لمن أراد الإقلاع عن التدخين حيث وجدت إحدى الدراسات أن التدخل السلوكي المُعتَمِد على الصيام فعالاً للتعوّد على ترك التدخين، وتأتي أهمية هذه التوصية أن الإقلاع عن التدخين يساعد في تحسين مستوى كولسترول البروتين الدهني عالي الكثافة أو ما يُعرف بالكولسترول الجيد (بالإنجليزية: High density lipoprotein or HDL)، كما ينعكس تأثير الإقلاع عن التدخين بشكل إيجابي وسريع على صحة جسمك، على سبيل المثال:[6]
- خلال 20 دقيقة من الإقلاع عن التدخين، يعود ضغط الدم ومعدل ضربات القلب إلى المعدل الطبيعي بعد زوال تأثير التدخين.
- خلال ثلاثة أشهر من الإقلاع عن التدخين، تبدأ الدورة الدموية ووظائف الرئتين في التحسن.
- خلال عام من الإقلاع عن التدخين، تنخفض فرص الإصابة بأمراض القلب إلى النصف.
حاول أن تخسر وزنك الزائد
يمكن أن تستغل رمضان في خسارة وزنك الزائد، حيث ترتبط زيادة الوزن بارتفاع الكولسترول، فإن زيادة الوزن أو السمنة ترفع فرصة الإصابة بارتفاع الدهون الثلاثية العالية (بالإنجليزية: Triglycerides)، الأمر الذي يؤدي بدوره لارتفاع الكولسترول في الدم، للأسباب التالية:[7]
- عند زيادة الوزن ونسبة الدهون عن المعدل الطبيعي، يؤدي ذلك لزيادة الأنسجة الدهنية في الجسم والتأثير على طريقته في إنتاج للبروتينات الدهنية، مما يسبب ذلك ارتفاعاً في مستوى الكولسترول والدهون الثلاثية أيضاً.
- تترافق السمنة مع مقاومة الإنسولين، ويُعتقد أن السبب الرئيسي لزيادة الكولسترول المترافق مع مقاومة الإنسولين أن الكبد يزيد من تصنيع كولسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة للغاية (بالإنجليزية: Very Low Density Lipoprotein or VLDL) وهي أحد أنواع الكولسترول الضار جداً، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة الدهون الثلاثية أيضاً.[8]
- ترتبط السمنة بزيادة حصول الالتهابات (بالإنجليزية: Inflammation)، مما يؤدي إلى التأثير في مستويات كولسترول البروتين الدهني عالي الكثافة (بالإنجليزية: High Density Lipoprotein or HDL) والذي يعتبر الكولسترول الجيد.
تأتي أهمية هذه التوصية أن خسارة الوزن الزائد لدى مرضى الكولسترول تساعد في خفض مستويات الكولسترول الضار، وذلك عن طريق فقدان الدهون الزائدة، مما يؤدي إلى تقليل كميات الدهون في الجسم، الأمر الذي يجعل جسمك أقل عرضة للالتهاب، كما يقلل بذلك مقاومة الخلايا للإنسولين، ليجعل جسمك أكثر سيطرة على تنظيم الهرمونات والبروتينات الدهنية.[7]
أسباب ارتفاع الكولسترول
ينتج ارتفاع الكولسترول ( بالإنجليزية: Hypercholesterolemia) عن عدة أسباب، وتشمل:[1][9]
- اتباع نظام حياة غير صحي؛ مثل: تناول الأطعمة المُشبعة بالدهون، وقلة الحركة، والسمنة، والتدخين.
- استخدام بعض الأدوية لمعجالة مشاكل صحية أخرى؛ مثل: أدوية السرطان، وحب الشباب، وضغط الدم، واضطرابات نظم القلب، وزراعة الأعضاء، وفيروس نقص المناعة البشرية أو الإيدز.
- الإصابة ببعض الأمراض المزمنة؛ مثل: قصور الغدة الدرقية، داء السكري، داء الكلى المزمن، فيروس نقص المناعة البشرية أو الإيدز، الذئبة.
- الوراثة، تورّث الجينات من الآباء إلى الأبناء، وتتحكم بعض الجينات في طريقة تعامل الجسم مع الدهون والكولسترول، فإذا كان أحد الوالدين أو كلاهما يعاني من ارتفاع في الكولسترول، فقد يرتفع خطر إصابة الأبناء به.
- فرط كولسترول الدم العائلي (بالإنجليزية: Familial Hypercholesterolemia)، تنتج هذه الحالة عن اضطراب وراثي، حيث يمنع الجسم من إزالة الكولسترول الضار والتخلص منه، وتعتبر هذه الحالة نادرة.
أعراض ارتفاع الكولسترول
لا يوجد أعراض معينة لارتفاع الكولسترول في الدم، حيث يعتبر هذا الارتفاع صامتاً ولا يسبب أيّة أعراض، إذ لا يمكن الكشف عنه إلا بإجراء فحص عينة من الدم، لذا؛ لا بد من إجراء فحص روتيني للبالغين الذين تزيد أعمارهم عن 20 عاماً، للكشف عنه والوقاية من مضاعفاته.[1][9]
مضاعفات ارتفاع الكولسترول
يمكن أن يسبب ارتفاع الكولسترول في الدم إلى تراكمه مع رواسب أخرى في الشرايين مسبباً ما يعرف بتصلُّب الشرايين (بالإنجليزية: Atherosclerosis)، ويعد هذا التراكم خطيراً، لأنه يقلل تدفق الدم عبر الشرايين، ويؤدي للمضاعفات التالية:[9]
- ألم في الصدر، وذلك في حال تأثر الشرايين التاجية، وهي التي تقوم بتغذية القلب، فقد يؤدي ذلك لحصول ألم في الصدر أو ما يعرف بالذبحة الصدرية (بالإنجليزية: Angina)، وأعراض أخرى لمرض الشريان التاجي (بالإنجليزية: Coronary artery disease).
- النوبة القلبية، يمكن للرواسب المتراكمة أن تسبب إغلاقاً في الشريان تمنع تدفق الدم، وإذا توقف تدفق الدم إلى جزء من القلب، سيؤدي إلى الإصابة بنوبة قلبية.
- السكتة الدماغية، وتحدث عندما تمنع الجلطة الدموية تدفق الدم إلى جزء من الدماغ.
ختاماً، يمكن اغتنام شهر رمضان لتجنب مضاعفات الكولسترول عن طريق تعديل نمط الحياة والاستفادة من فوائد الصيام وذلك بتناول نظام غذائي متوازن، وممارسة الرياضة بانتظام، وتجنب التدخين، الأمر الذي سيساعدك على تحقيق مستويات طبيعية للكولسترول والحفاظ عليها.