حول العين للأطفال
حول العين للأطفال من المشكلات الطبية الشائعة التي تُثير خوف الوالدين على أطفالهم، وتكون مصدر قلق دائماً، إذ قد يصل الأمر إلى فقدان الرؤية في إحدى العينين أو كلاهما.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
لذا دعنا نتعرف إلى الحَوَل لدى الأطفال، وهل تواجده في الشهور الأولى من عمر الطفل طبيعياً أم لا، بالإضافة إلى أبرز الأسباب، والأعراض، والحلول العلاجية الطبية المختلفة.
حَوَل العين
حول العين (بالإنجليزية: Squint) أو كما يُطلق عليه علمياً (بالإنجليزية: Strabismus) هو حالة لا تصطف العينان فيها معاً تماماً في نفس اتجاه النظر، أي بينما تنظر إحدى العينين مباشرة إلى الشيء الذي ينظر إليه الشخص، تكون العين الأخرى بعيدة عن الاتجاه، وقد لا يكون الفرق واضحاً في بعض الحالات، وبعضها قد يوجد مؤقتاً أو متقطعاً. [1]
لكن أحياناً يتوقف الطفل المصاب عن معالجة المعلومات من العين المصابة، مما يؤدي إلى فقدان القدرة على الرؤية فيما يسمى (الغمش)، الذي يُمكن أن يصبح وضع دائماً في حالة إهمال العلاج مبكراً. [1]
يُعد الحَوَل من مشكلات العين الشائعة في الأطفال، إذ قد تؤثر على طفل من كل 20 طفلاً، بمعدل يتراوح بين 3-4% من الأطفال في الولايات المتحدة، وتتطور معظم الحالات قبل سن الثالثة، مع أنّ ذلك نجد بعض الحالات تظهر في الأطفال الأكبر سناً، أو البالغين. [2]
يعتقد الناس غالباً أن الطفل المصاب سيتخطى الحالة المرضية سريعاُ، لكن في الواقع قد يزداد الحَوَل سوءاً دون المراقبة والعلاج، لذا ينصح جميع الأطباء الأمهات بخضوع أي طفل أكبر من 4 شهور، ولا تبدو عيناه مستقيمة طوال الوقت إلى الفحص البصري الشامل. [2]
أنواع حول العين للأطفال
يتحكم في حركة كل عين ست عضلات كل منهم يجذب العين في اتجاه، وغالباً يتطور الحول عندما تفقد تلك العضلات العمل المتوازن بينهم، مما يؤدي إلى عدم تحرك العينين بشكل سليم.[2]
أنواع الحول حسب اتجاه العين
من الشائع تقسيم الحول تبعاً لاتجاه العين التي تُحدق، أي اتجاه العين التي لا تنظر بشكل مثالي وطبيعي، كالتالي: [1]
- الحول الإنسي أو الداخلي (بالإنجليزية: Esotropia): عندما تنقلب العين إلى الداخل.
- الحول الاحتراري أو الخارجي (بالإنجليزية: Exotropia): عندما تنقلب العين إلى الخارج.
- هايبر تروبيا (بالإنجليزية: Hypertropia): يُطلق على العين عندما تنقلب إلى أعلى.
- هايبو تروبيا (بالإنجليزية: Hypotropia): يُطلق على العين عندما تنحرف إلى الأسفل.
أنواع الحول حسب استمرار وجوده
يُمكن تقسيم الحول بناءً على استمرار وجوده إلى:
- الحول المستمر: هو الحول الموجود طوال الوقت.
- الحول المتقطع: الحول الذي يأتي ويذهب على فترات.
الأنواع حسب رؤية الحول
كما أن هناك بعض التقسيمات التي تعتمد على رؤية الحول، وتشمل:
- الحول الواضح: إذا حدث عندما تكون العين مفتوحة ويتم استعمالها.
- الحول الكامن: إذا حدث فقط عندما تكون العين مغطاة أو مغلقة.
أنواع الحول حسب الشدة
قد يقوم بعض الأطباء بتقسيم الحول بُناء على إذا كانت شدة الحول هي نفسها في كل الاتجاهات أم لا:
- الحول المصاحب (بالإنجليزية: Concomitant Squint): يُعني أن زاوية أو درجة الحول هي نفسها دائماً في كل اتجاه تنظر إليه، أي إن حركة العينين جيدة، ويدل ذلك غالباً على أن عضلات العين تعمل بكفاءة، لكن دائماً العين تكون خارج المحاذاة.
- الحول المتقطع (بالإنجليزية: Incomitant Squint): قد تختلف هنا زاوية أو درجة الحول؛ مثل: عندما تنظر إلى يسارك، قد لا توجد حدقة وتكون العينان متوازيتين، بينما عندما تنظر إلى يمينك، قد لا تتحرك عين واحدة بعيداً ثم لا تكون العينان متوازيتين.
أنواع الحول الرئيسية
بالنسبة إلى عدة مراجع تُصنف الحول إلى نوعين رئيسين شائعين، وهما: [3]
- الحول الإنسي التكيفي (بالإنجليزية: Accommodative esotropia): يحدث غالباً في حالات طول النظر غير المُعالجة، أو وجود استعداد وراثي، وتنقلب العينان إلى الداخل؛ نظراً إلى جهد التركيز الإضافي المبذول للحفاظ على رؤية الأشياء البعيدة.
- حول الانجراف المتقطع (بالإنجليزية: Intermittent exotropia): تنحرف العينان في هذا النوع إلى الخارج؛ لذا قد يُطلق عليه (الحول الوحشي أو الخارجي).
يُمكن أن يُصاب البالغون أيضاً بالحول، ويكون شائعاً تحت مصطلح اختلال محاذاة العين، الذي يحدث غالباً عند التعرض إلى سكتة دماغية، أو صدمة جسدية، أو ظهور الحول في مرحلة الطفولة ولم يتم علاجه. [3]
أسباب الإصابة بحول العين للأطفال
تظهر معظم حالات الحول نتيجة وجود خلل في التحكم العصبي العضلي الخاص بحركة العين، وما زالت الدراسات تسعى لكشف المزيد حول الأسباب الكامنة وراء ذلك، إذ نجد أن الحول قد يكون: [2]
- حَوَل خلقي (بالإنجليزية: Congenital Squint): يعني أن الطفل مولود به، أو تطور في الشهور الستة الأولى من حياته، وتنقلب العين فيه إلى الداخل أو الخارج، ولا يوجد سبب مُحدد حتى الوقت الحالي خلف ذلك.
- الحَوَل المتعلق بأخطاء الانكسار (بالإنجليزية: Squint related to refractive errors): يحدث الحول من الأخطاء الانكسارية، أبرزها: قصر النظر، وطول النظر، والاستجماتيزم، وتؤدي غالباً إلى مشكلات في التركيز لدى الأطفال.
وبذلك استطاع العلماء تحديد عدة عوامل خطورة تزيد من فرصة التعرض إلى حول العين للأطفال، وتشمل: [3]
- عوامل وراثية عائلية مرتبطة جينياً.
- وجود مشكلات بصرية خاصة طول النظر.
- وجود اضطرابات في الجهاز العصبي.
- وجود حالات دماغية مرضية؛ مثل: الأطفال المصابين بالشلل الدماغي، ومتلازمة داون، والاستسقاء الدماغي، والورم الأرومي الشبكي (سرطان العين).
- الإصابة ببعض أنواع العدوى الفيروسية؛ مثل: الحصبة.
- إصابات الرأس التي قد تُلحق الضرر بمنطقة الدماغ المسؤولة عن التحكم في حركة العين.
- الإصابة بمرض جريفز الذي يتميز بفرط إفراز هرمون الغدة الدرقية.
أعراض حول العين للأطفال
تكون علامات الإصابة بالحول واضحة إلى حد بعيد في سن مبكرة، وتظهر في صورة عدم نظر العينين إلى الأمام مباشرة في نفس النقطة والوقت ذاته، وقد تكون حالات الحول الخفيفة أقل وضوحاً.
ومن الجدير بالذكر أن الأطفال حديثي الولادة يُعاني معظمهم نسبة حَوَل تختفي بحلول سن 3-4 أشهر، ومن ثم يصبح الطفل قادراً على التركيز على الأشياء الصغيرة، وتكون العين مستقيمة بمحاذاة جيدة، وعند استمرار حالة الحول بعد هذه السن يتطلب من الوالدين الرجوع إلى الطبيب المتخصص فوراً. وتوجد بعض الأعراض المُرافقة للعلامات الظاهرية، وتشمل:
- صعوبة القراءة والكتابة.
- الشعور بصداع.
- ألم واحمرار في العين.
- التحديق أو كثرة الوميض، خاصة في وجود الضوء الساطع.
- ازدواجية الرؤية.
- الصعر الذي يمثل وضعية غير طبيعية للرأس يعتاد الطفل عليها؛ لتعويض الخلل البصري خاصة في وجود ازدواجية الرؤية.
- الغمش أو كما يُطلق عليها (العين الكسولة) هي تدل على تجاهل الدماغ إلى مدخلات العين المُصابة؛ لتجنب ازدواجية الرؤية التي يُعانيها الطفل. [2][3]
تشخيص حول العين للأطفال
كلما كان التشخيص مبكراً كلما ازدادت فرصة حصول الطفل على حياة طبيعية قدر الإمكان، والآن عادةً يتم إجراء فحوصات روتينية للكشف عن مشكلات العين عند الأطفال والرضع بين 6-8 أسابيع، وأيضاً في مرحلة ما قبل دخول المدرسة. يعتمد طبيب البصريات بعد الفحص الظاهري للعين في التشخيص على ما يلي: [3][4]
- التاريخ المرضي العائلي: نظراً لعدم قدرة الأطفال غالباً على التعبير، يسأل الطبيب الوالدين عن الأعراض، بالإضافة إلى التاريخ العائلي، والمشكلات الصحية العامة، والأدوية المستخدمة.
- قياس حدة البصر: يهدف إلى قياس مدى تأثر الرؤية لدى الطفل، يتم بواسطة قراءة الحروف من مخطط العين، أو فحص السلوك البصري للأطفال الصغار.
- اختبار الانكسار: يستطيع الطبيب بواسطته أن يُحدد قوة العدسة المناسبة التي يستعين بها للتعويض عن أي خطأ انكساري من قصر في النظر، أو طول في النظر، أو اللابؤرية، ويفحص العينين فيها بسلسلة من العدسات التصحيحية لقياس كيفية تركيز الضوء، ويُطلق عليها (منظار الشبكية) التي لا تحتاج إلى ملاحظات شفاهية من المريض.
- اختبار المحاذاة والتركيز: يُقيم الطبيب فيها مدى تركيز العينين وتحريكهما وعملهما معاً.
- فحص صحة العين: يراقب الطبيب الهياكل الداخلية والخارجية للعين؛ لاستبعاد أي حالات مرضية ساهمت في ظهور الحول، بالإضافة إلى تحديد استجابة العين في ظروف الرؤية العادية، وقد يستخدم الطبيب قطرات العين التي تمنع تغيير التركيز خلال الاختبار في المرضى الذين لا يستطيعون الاستجابة لفظياً.
علاج حول العين للأطفال
توجد عدة خيارات علاجية يُحدد الطبيب المناسب منها بُناء على الحالة، وتشمل التالي: [4][5]
- النظارات أو العدسات اللاصقة: يكون العلاج المفضل والوحيد في معظم الأحيان، وتستخدم غالباً في حالة وجود أخطاء انكسارية، إذ تساعد العيون في تقليل جهد التركيز المبذول، بالإضافة إلى إمكانية ظهورها مستقيماً.
- العدسات المنشورية: هي عدسات خاصة تثني الضوء الداخل للعين، وتساعد على تقليل مقدار دوران العين.
- العدسات التصحيحية للاستجماتيزم: تكون على شكل نظارات أو عدسات لاصقة مُخصصة لمرضى الاستجماتيزم، تُساعد في عرض الصور بشكل صحيح على شبكية العين، وإذا كان الاستجماتيزم خفيفاً فقد لا يقترح الطبيب أي خطة علاجية إضافية بجانب تلك العدسات.
- تمارين العين: تستخدم في بعض أنواع الحول، والتمرين القياسي هو تمرين الضغط بالقلم الرصاص في المنزل (HBPP)، وأشارت عدة دراسات إلى فعاليتها في غضون 12 أسبوعاً، وسهولة ممارستها بواسطة قلم رصاص فقط.
- الترقيع: يتم فيها وضع رقعة على العين السليمة، وتستخدم في حالة معاناة المريض الغمش (العين الكسولة) بالإضافة إلى الحول، وتساعد في تحسين الرؤية، والتحكم في اختلال العين، وتختلف مدة العلاج بها بُناء على عمر الطفل وشدة الحول.
- جراحة عضلات العين: تعمل على تغيير طول أو موضع عضلات العين حتى تتم محاذاة العين بشكل سليم، وتتم تحت التخدير العام بغرز قابلة للذوبان، وتهدف إلى تحسين مظهر ورؤية العيون.
- جراحة الليزك: من الإجراءات الشائعة الليزر في موضع القرنية، حيث يستخدم الجراح جهازاً لإنشاء سديلة رقيقة في القرنية، ثم يستخدم الليزر في نحت شكل القرنية تحت السديلة، ثم يقوم بطي السديلة مرة أخرى في مكانها حيث تلتئم، وهناك خيارات ليزر أخرى تشمل: استئصال القرنية الانكساري الضوئي (PRK)، وتضخم القرنية الظهاري بالليزر (LASEK).
- العلاجات الدوائية: قد يصف الطبيب قطرات أو مراهم للعين، ومؤخراً شاع استخدام حقن توكسين البوتولينوم (الاسم التجاري: البوتوكس) مع الجراحة أو بديلاً عنها، وتكون مفيدة في حالة إضعاف عضلة واحدة أو أكثر لمنعها من الشد بقوة، وقد تكون آثاره دائمة في بعض الحالات لكن ليس شائعاً بين الأطفال.
- علاج الرؤية: قد يصف الطبيب برنامجاً منظماً للأنشطة البصرية حتى يُحسن من تنسيق وتركيز العين، ويتم بواسطة تدريب العين والدماغ على العمل معاً بفاعلية، ويمكن ممارسته منزلياً، أو في مركز فحص النظر الطبي.
- تقويم العظام: يُطلق عليه أيضاً العلاج الانكساري للقرنية، يتضمن ارتداء عدسات لاصقة صلبة مجهزة خصيصًا في أثناء النوم لإعادة تشكيل القرنية، وغالباً لا تسبب تحسين الرؤية دائماً، لكن قد تزيد قدرة المريض على الرؤية بشكل أفضل لعدة ساعات بعد ارتدائها.
مضاعفات الإصابة بحول العين
تكمن خطورة حول العين في المضاعفات التي قد تصيب الفرد من إهمال المتابعة والعلاج، خصوصاً مع وجود الاعتقاد السائد بأن الأطفال قادرون على التغلب على الحول بمفردهم، أو أنه يختفي من تلقاء ذاته، لكن في الحقيقة قد يزداد الوضع سوءاً في حالة عدم تلقي العلاج المناسب، وأبرز تلك المضاعفات: [5]
- كسل العين (الغمش)، أو الإصابة بضعف دائم في الرؤية في العين المصابة.
- الرؤية الضبابية.
- إجهاد العين الشديد.
- الشعور بالإعياء المستمر.
- صداع الرأس.
- الرؤية المزدوجة.
- ضعف الرؤية ثلاثية الأبعاد.
- مضاعفات نفسية من الإحراج بشأن المظهر الخارجي، تشمل تدني احترام الذات.
- الإصابة بمشكلات عنقية؛ نتيجة وضع الرأس المائل الذي يسعى إليه الطفل لتحسين الرؤية.
- قد يكون الحول مجرد علامة من أعراض أورام العين، لذا إهمال العلاج وتتبع الحالة قد يصل بالمريض إلى الوفاة.
يجب على الوالدين الرجوع إلى الطبيب المختص فور شعورهم بوجود علامات الحَوَل على الطفل، إذ تزداد فرصة التغلب عليه والحصول على حياة طبيعية عند التشخيص المبكر، وتدعم التقنيات الطبية الحديثة والفحوصات الروتينية درع الحماية الواقي ضد المضاعفات غير المرغوب فيها الناتجة عن حَوَل العين.