حكايتي: اعترافات شابة سنجل "أنا أكره عيد الحب"
أنا شابة في الثانية والثلاثين، تزوج أخي الأكبر ولديه طفلان، وأختي الأصغر مخطوبة، أما أنا فلا أدري كيف مرت أيامي ووصلت إلى هذا العمر ولم أرتبط ولا مرة، من الدراسة إلى العمل والواجبات العائلية لم يصادفني الحب، ولا الارتباط التقليدي، نعم أنا محاطة بوالدي وإخوتي ولدي أصدقاء جيدين، ولكن في أعماقي أشعر بالوحدة، لأنني كنت دومًا فتاة رومانسية وإن لم أظهر ذلك أبدًا.
أشعر بكسر القلب عندما أجد أنني من بين الكثيرات غير مرئية لم يعجب بي أحد ولا حاول الاقتراب مني رغم أنني على قدر من الجمال والذكاء لدى شخصية مرحة وطيبة.
وعندما أجتهد لأتناسى الحب والارتباط، وأركز على طموحي المهني وهواياتي يأتي هذا اليوم 14 فبراير المُسمى بيوم الحب ليذكرني بتعاستي، يذكرني أنني كما يقولون "سنجل"، وفي داخلي صوت قوي يذكرني دومًا بأنني سنجل وسأظل هكذا.
سأعترف لكم
أنا أكره عيد الحب!
شيء غريب أن يجتمع الحب والكره في عبارة واحدة، ولكنني بالفعل أكره هذا اليوم، أكره تباهي صديقاتي وقريباتي المرتبطات والمتزوجات بالهدايا والاهتمام الخاص في هذا اليوم، أنا لست حسودة ولا أتمنى الشر لأحد ولكنني أحزن..وأخجل وأخاف من سؤال الأهل والجيران "متى سنفرح بكِ؟" ذلك السؤال البغيض المليء بالشماتة وقلة الذوق.
نعم أنا أكره الفالانتين لأنه يذكرني بفشلي، وأود أن أختبئ في غرفتي حتى لا أرى نظرات الشفقة في عيون أهلي، ولا هدايا خطيب أختي لها، ولا هذا الوابل من اللون الأحمر والبالونات والدباديب، كلها تذكرني بوحدتي.
بم تنصحوني لأتجاوز تعاستي؟
الرد
مرحبًا بك يا عزيزتي وشكرًا لك على التواصل مع بابونج
أحييكِ بداية على وعيك بذاتك، وشجاعتك في البوح، لأن الصدق مع الذات شرط للتصالح معها، لا يُمكن لمن يكابر ويكذب على نفسه ويشوش مشاعره بالتزييف أن يتجاوز أزمة أو يعيش حياة سعيدة متوازنة.
رسالتك أثارت العديد من الأمور، لنبدأ من جملتك القوية
أنا أكره عيد الحب
لقد سمعت مثل هذه العبارة كثيرًا ولكن موجهة لعيد الأم، أخبرني الكثيرون أنهم يكرهون يوم الأم لأنه يذكرهم بفقدانهم لأمهاتهم أو جدّاتهم، وهذا شيء مفهوم وطبيعي، ولكنه سطحي بعض الشيء، لأن مشاعر الحزن والفقد والوحدة يمكن أن تهيج لأسباب كثيرة، مكان أو لحن أو عبارة يمكن أن تذكرنا بمن فقدناهم، يمكن أن تشعرنا بمدى وحدتنا، وعلينا أن نتعامل مع الحزن والوحدة ونساعد أنفسنا على تجاوز الألم لا أن نهرب ونكبت.
هذه الأيام مثل عيد الأم، وعيد الحب وغيرها ليست لتعذيبنا بالتأكيد، وإنما لتذكيرنا بالقيم والنعم التي قد ننساها في خضم الحياة اليومية الضاغطة، ولكلٍ منا الحرية أن يُفسرها ويحتفل بها أو لا يحتفل كما يشاء.
الحب ليس دبدوبًا.. وإذا كان الفالانتين داي هو عيد الدبدوب الأحمر، والصور المزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي، والتباهي بالارتباط، فلكِ الحق أن تتضايقي منه.
ولكن الحب أكبر وأهم بكثير، الحب هو قيمة الحياة الكبرى وحصره في الرومانسية الزائدة والصور المفروضة علينا في الدراما والإعلانات يجعلنا تعساء، ليس السناجل فحسب بل وحتى المرتبطين، لأن رفع سقف التوقعات وإغراق عقولنا بالمشاهد الرومانسية الوردية يقلل الشعور بالرضا بل ويشوش مفهوم الحب.
أغمضي عينيك وابحثي عن الحب بداخلك، متى تشعرين به؟
ستجدين فيضًا من المحبة والمشاعر الرائعة لنفسك ومن حولك وكثير من الأشياء حولك.
أنا لست ضد البالون على شكل قلب، ولا الدبدوب الأحمر ولكنني أتعجب من تقزيم الحب في هذه الصور.
لست وحدك..
من السهل جدًا أن نقع في فخ التعميم والشعور بالعزلة، في يوم الفالانتين مثلا ينتقي العقل مشاهد المرتبطين السعداء، فيشعر الإنسان بعزلته وغرابته ويتضحم شعوره بما ينقصه، ولكن هذا فخ!
الألوف حول العالم غير مرتبطين، يبحثون عن الحب أو مكسورة قلوبهم، ومثلهم يعانون من علاقات سامة ومرهقة أبعد ما تكون عن معاني الحب والدعم والمشاركة، وأضعافهم فقدوا أحباءهم أو تحطمت علاقاتهم، فلا تقارني نفسك بحالات لبعض الأشخاص أنت لا تعرفين حقيقة ما بينهم، ولا ما يتحملونه في جوانب أخرى.
هناك الملايين من السناجل في عيد الحب، وبعضهم أسعد حالًا وأكثر تقديرا وتفاؤلًا بالحب من المرتبطين.
لا تقارني نفسك.. فكل منّا حالة فريدة في طبيعته وظروفه وأقداره، سترهقك المقارنة وتضللك كثيرًا، لأنه وكما يقول المثل الإنجليزي "العشب دومًا أكثر اخضرارًا على الضفة المقابلة ما لم تطؤه قدماك"، يمكنك التأكد من ذلك بالاستماع إلى مشكلات المرتبطات والمتزوجات وتمني الكثيرات الشعور بالحرية والحنين لدفء الأسرة والقدرة على النجاح المهني، وهذا لا يعني تفضيل حال على حال، ولكن أن ندرك أننا نبالغ في تقدير ما ينعم به الآخرون، وهم يبالغون في تقدير ما لدينا!
كوني قوية في وضع تصوراتك
لا تستهيني بقوة العقل أبدًا، وتخيلي معي الفارق بين نوعين من التفكير يمكنك تبني أحدهما:
الأول: أنا كبرت في العمر، وحيدة ولم يراني أحد لأنني غير جذابة ولن يراني أحد أبدًا وسأظل وحيدة فيما ينعم الجميع بالحب والدفء والسعادة، أنا محرومة من أكثر شيء يسعدني وهو الرومانسية، ويوم الفالانتين يذكرني بتعاستي.
الثاني: أنا في مقتبل حياتي، ناجحة وذكية وجميلة ومعطائة، لدي حياة اجتماعية رائعة وداعمة، أسرة مُحبة وأصدقاء لطفاء، بداخلي الكثير من الرومانسية والتي بالتأكيد سأستمتع بها مع من يستحق، ويوم الفالانتين فرصة لأجدد حبي لنفسي ومن حولي وأستعد لاستقبال الحب في حياتي أكثر وأكثر.
كلا التصورين ينطبق عليك، ولك كامل الحرية في الاختيار، وثقي بأن اختيارك وما تؤمنين به سيشكل حياتك.
وأود أن أختم ردي بعدد من النصائح والأفكار العملية للسنجل في عيد الحب اختاري منها ما يناسبك:
- دللي نفسك وأحبيها، استمتعي بوقت خاص لنفسك في عمل شيء تحبينه مثل مشاهدة فيلم محبب أو الذهاب لمكان مفضل.
- اشتري لنفسك شيئًا ترغبين فيه.
- اخرجي مع أصدقائك أو وحدك في نزهة طبيعية أو إلى السينما أو التسوق او أيًا كانت تفضيلاتك.
- تناولي وجبتك المفضلة.
- عبري عن حبك للأشخاص المهمين في حياتك وساء بالقول المباشر أو برسالة لطيفة وبهدية.
- اكتبي خواطرك وما تشعرين به، ضعي أحلامك على الورق.
- يمكنك أيضًا أن تتجاهلي اليوم تمامًا وتمارسي حياتك بشكل طبيعي وتحتاري أن تتعامل معه كأي يوم آخر ولا تعيري الآخرين الكثير من الانتباه.
تمنياتي لك بحياة يملؤها الحب وتقدير الذات.
اقرأ أيضًا:
حكايتي: لا أشعر أنني شخص محبوب في عائلتي