توهم المرض Hypochondria: هل أنت فعلاً مريض؟
نقرأ يومياً على السوشال ميديا الكثير من الأخبار عن أمراضٍ جديدة و أمراضٍ لم نسمعها عنها من قبل, وقد نقرأ هذه الأخبار أحيانا ولا تعني لنا شيئاً , وأحيانا أخرى نشعر أننا قد مررنا بهذه الأعراض من قبل وأنها ليست مجرد أعراضٍ بسيطة بل هي تشخيص لحالة صحية سيئة. فهل نحن نتوهم إصابتنا بالمرض؟ وهل هي حالة طبيعية أم أنها تعكس خلفها اضطراباً ما؟
سنتناول في مقالتنا مفهوم توهم المرض أو الهيبوكوندريا وأسبابه وطرق التعامل معه.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ما هو توهم المرض؟
توهم المرض هو اضطراب نفسي ينتمي إلى فئة اضطرابات القلق. يُعرف أيضًا بالـ “هيبوكوندريا”، حيث يشرح هذا النمط من الاضطرابات النفسية خوف المريض الشديد من التوعك الصحي أو التعب عموماً. وظنه الدائم بأنه مصابّ بأمراض خطيرة مثل السرطانات او امراض القلب, فيزور عدة أطباء لتشخيص حالته وغالبا ما تكون جميع التشاخيص متطابقة وموافقة لفكرة عدم وجود مرض بالأساس. هذا ما يقلق المريض ويزيد توتره من فكرة أنه لم يجد طبيبا يشخص له حالته. ويعكس هذا الاضطراب تجارب المريض أو معاناتاه السابقة مع المرض أو المرضى، وقد يشير كذلك الى مواجهة المريض ضغوطاً شديدةٍ في طفولته أو مراهقته حتّمت عليه أن يكون دوماً بصحةٍ جيدة ليؤدي كل مهامه على أتمّ وجه.
الأعراض:
_الانشغال بمرض خطير لمدة 6 أشهر على الأقل.
_عدم القدرة على السيطرة على المخاوف والقلق.
_الخوف المستمر من المرض رغم اطمئنان مقدمي الرعاية الصحية على الحالة الصحية.
_تكرار الزيارات للطبيب رغم تأكيد التشخيص بأنه لا يوجد مرض.
_المبالغة في تفسير أعراض بسيطة أو عارضة على أنها علامات لأمراض خطيرة.
_البحث المستمر في الانترنت عن اعراض المرض للعثور على إجابات “موثوقة” حتى بعد زيارة الطبيب
سمات الشخصية المرافقة:
الوسواس القهري: كثيراً ما يخطئ الأطباء تشخيص الهيبوكوندريا ويعتبرونها وسواساً قهرياً تجاه المرض، لكن الحقيقة أن هذين الاضطرابين لا يمتّان لبعضهما بصلة. ولكن أشيع اضطراب يترافق مع الهيبوكوندريا هو الوسواس القهري والقلق الزائد.
المثالية: نرى غالباً أن المرضى المصابين بالهيبوكوندريا هم أكثر المرضى المهتمين بصحتهم. وهم غالباً المرضى الأكثر انتظاماً في مواعيد مراجعة الطبيب. هذا نابع من شدة خوف المريض من وقوعه بالضعف أو المرض. وبأنه مؤمن تماماً بأنه ينبغي له أن يكون مثالياً.
جلد الذات: من أكثر الصفات التي تغذي الهيبوكوندريا هي جلد الذات، إذ تتراكم لدى الشخص مشاعر سيئة بأنه هو من قاد نفسه للمرض أو الضعف بطريقةٍ أو بأخرى، ويبدأ عندها بمراجعة ما قام به خلال آخر 6 أشهر ليجد الجواب الشافي ويلوم نفسه عليه.
جنون العظمة: في بعض الأحيان يمكن تفسير الهيبوكوندريا بأن الشخص يشعر بأنه الشخصية الرئيسية في رواية الجميع, وأن بطل الرواية لاينبغي له أن يشتكي أو يصيبه المرض.
أسباب توهم المرض:
_التعرض لأزمات صحية سابقة او تعرض فرد قريب للتوعك: الأشخاص الذين مروا بحالة مرضية سيئة أو إصابة خطيرة قد يكونون أكثر عرضة لتوهم المرض. فقد يشعر هؤلاء الأشخاص بالقلق الدائم من تكرار هذه التجارب الصعبة مجدداً، مما يدفعهم للشك في صحتهم طوال الوقت. نذكر مثالا على ذلك مرضى السرطان الذين تعافوا سابقا, هؤلاء يبقى هاجس المرض موجودا في عقلهم الباطن, ويتحول مع مرور الوقت لاضطراب التوهم
_التجارب الحياتية المؤلمة: بعض الأشخاص قد يطورون هذا الاضطراب بعد تجربةٍ شخصية مؤلمة تتعلق بالمرض، مثل فقدان أحد الأحباء بسبب مرض خطير، ما يعزز لديهم فكرة أن المرض يمكن أن يصيبهم في أي لحظة ويأخذهم من أحبائهم.
_القلق والتوتر النفسي: يرتبط توهم المرض بشكل كبير مع القلق الزائد والتوتر النفسي. عندما يعاني الشخص من مستويات مرتفعة من القلق والجهد النفسي، تتعمق مشاعر الخوف لديه من أي شيء مجهول. حيث يمكن أن يركز الشخص على أي أعراض بسيطة أو غير واضحة ويبالغ في تفسيرها كعلامات على وجود مرض خطير.
_العوامل الوراثية: قد يكون لتوهم المرض عامل وراثي لابأس به، حيث تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي من اضطرابات القلق أو الاضطرابات النفسية قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بتوهم المرض.
_التعرض للمعلومات الصحية المضللة: في عصر السوشال ميديا، يمكن أن يؤدي وجود المعلومات الصحية في متناول اليد إلى تحفيز التوتر المرضي والمخاوف من المرض. حيث يبحث الشخص باستمرار عن أعراض مرضه على الإنترنت، لكنه لا يحصل على أجوبة شافية ولا يشعر بالرضا والارتياح حيال حالته. مما يزيد من توتره ويعزز شعوره بالمرض.
_ومن الشائع أيضًا أن يصاب طلاب الطب بالهيبوكوندريا بعد دراسة أنواع مختلفة من الأمراض النادرة والخطيرة.
كيفية العلاج:
_ممارسة التأمل وجلسات اليوغا: قد يخفف التأمل وممارسة اليوغا بشكل فعال في التخفيف من القلق المسبب لحالة الهيبوكوندريا. وفي السيطرة على دفقة الأدرينالين القوية التي تصيب المريض عند قرائته لأعراض مرض جديد.
_الانشغال بالأعمال اليومية: يعتبر من أكثر الطرق المفيدة لعلاج هذه الحالات. بالإضافة لذلك, فإن ممارسة الهوايات الممتعة قد تفيد في تفادي القلق الزائد خلال اليوم.
_الدعم الاجتماعي: تلعب الأسرة والأصدقاء دورًا مهمًا في مساعدة الشخص المصاب بتوهم المرض. من خلال الدعم العاطفي والتشجيع على تلقي العلاج، يمكن تقليل القلق وتحسين الوضع النفسي للمريض
_العلاج النفسي (العلاج المعرفي السلوكي): يُعتبر العلاج المعرفي السلوكي من العلاجات الفعّالة في معالجة توهم المرض. يهدف هذا العلاج إلى تغيير الأنماط الفكرية السلبية وغير المنطقية التي تدفع الشخص للاعتقاد بأنه مصاب بمرض خطير، كما يساعد في التعامل مع القلق بشكل صحي.
_الأدوية: في بعض الحالات، قد يوصي الطبيب باستخدام الأدوية المضادة للاكتئاب أو القلق. تساعد هذه الأدوية في تقليل الأعراض وتحسين التوازن الكيميائي في الدماغ، مما يساهم في التقليل من الأفكار السلبية.
●هل الفحص الدوري وزيارة الطبيب المتكررة يهدئ من الحالة؟
في الحالات الطبيعية يرتاح المريض عند زيارة الطبيب ويشعر أن قلقه قد تلاشى بعد المراجعة الدورية. ولكن عندما نرى أن الحالة بدأت تتفاقم وأن المريض يزور الطبيب بشكلٍ مبالغ فيه أو يأخذ مشورة العديد من الأطباء بشأن نفس الموضوع. فهذا يعني أن المريض لا يرتاح عند زيارة الطبيب ومعرفة تفاصيل زائدة عن آلية المرض الذي يشك انه يحمله. فهنا يصبح القلق غير قابلٍ للسيطرة عليه. وتصبح المراجعة الدورية عندئذ بلا فائدة. بل ان لها سلبيات أكثر من الإيجابيات.
الخلاصة:
توهم المرض هو اضطراب نفسي شائع ولكنه قابل للعلاج. على الرغم من أن الشخص المصاب قد يشعر بأعراض حقيقية، فإن الفحوصات الطبية عادةً ما تؤكد أنه لا يوجد مرض خطير. العلاج المبكر والفعّال من خلال العلاج النفسي والدعم النفسي والأدوية يمكن أن يساعد في تقليل الأعراض وتحسين جودة الحياة. من المهم أن يتم التعامل مع توهم المرض بجدية وأن يتلقى الشخص المصاب الدعم المناسب للتغلب على هذه المشكلة
-
المحتوى الذي تستمتع به هنا يمثل رأي المساهم وليس بالضرورة رأي الناشر. يحتفظ الناشر بالحق في عدم نشر المحتوى.
هل لديكم شغف للكتابة وتريدون نشر محتواكم على منصة نشر معروفة؟ اضغطوا هنا وسجلوا الآن!
انضموا إلينا على منصتنا، فهي تمنح كل الخبراء من كافة المجالات المتنوعة الفرصة لنشر محتواهم . سيتم نشر مقالاتكم حيث ستصل لملايين القراء المهتمين بهذا المحتوى وستكون مرتبطة بحساباتكم على وسائل التواصل الاجتماعي!
انضموا إلينا مجاناً!