ما هو مرض الطاعون؟ وما هي أعراضه وأسبابه؟
المرض المرعب الذي هدد وجود البشرية، العامل المسبب له وطرق العدوى به، أعراض الإصابة بالطاعون وكيفية علاجه
منشأ الطاعون والعامل المسبب له
آلية انتقال عدوى المرض للإنسان
جابهت البشرية خلال تاريخها الطويل العديد من التحديات المصيرية التي هددت وجودها واستمرارها وازدهارها، ولاريب أن الجائحات والأوبئة كانت ومازالت إحدى أبرز هذه التحديات لما لها من تأثير على الموارد البشرية والاقتصادية على حد السواء. وبين هذه الجائحات يتربع الطاعون على العرش كأحد أكثر هذه الأوبئة فتكاً وتدميراً على مر التاريخ.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
منشأ الطاعون والعامل المسبب له
الطاعون هو مرض خطير انتشر مشكلاً وباءً كبيراً في القرن الرابع عشر الميلادي، مما دفع بعض الكتاب والمؤرخين لتسميته "بالموت الأسود أو الموت العظيم".
كانت له آثار مدمرة على العالم عموماً وعلى أوروبا خصوصاً حيث يذكر المؤرخون أن سفينة رست في ميناء صقلية عام 1347م كان كل من عليها ميتاً أو في حالٍ يرثى له، فأمر ملك صقلية حينها بإعادتها إلى البحر حالاً بما حملت ولكن كان الأوان قد فات حيث تفشى إبان هذه الحادثة وباء الطاعون، الذي تسبب في موت طاقم السفينة، في أوروبا حاصداً أرواح قرابة 30 مليون شخص، أي ثلث سكان القارة آنذاك. [1]
العامل المسبب له جرثومة تدعى اليرسينية الطاعونية نسبة لمكتشفها ألكسندر يرسين وهو عالم فرنسي في علم الأحياء الدقيقة وقد كان أول من وصف البكتيريا المسببة للطاعون، والتي تعيش في الحيوانات البرية في إفريقيا وآسيا والولايات المتحدة الأمريكية متخذة من أجسام هذه الحيوانات مستودعاً له.
آلية انتقال عدوى المرض للإنسان
تحدث العدوى عند التعامل والتماس المباشر مع الحيوانات البرية المصابة كالجراذين والسناجب والأرانب وغيرها، لذلك تكون مهن وهوايات معينة (مثل الجزارين والصيادين وأفراد الكشافة) ذات خطورة عالية للإصابة بالمرض إذ يمكن أن تنتقل جرثومة اليرسينية الطاعونية عبر العض أو تماس الجروح الجلدية مع دم الحيوان المصاب.
ذكر انتقاله عبر الطعام والشراب الملوث، كما تحدث العدوى أيضاً عند لدغ البراغيث الحاملة للجرثوم للإنسان بعد تغذيها على الحيوانات المصابة، وهي الطريقة الرئيسة للعدوى.
حالياً تراجعت الإصابة به وأصبح يصيب حوالي 5000 شخصاً سنوياً حول العالم مع العلم أن الإصابة تتركز في المناطق الفقيرة بالثقافة الصحية وخاصة في أفريقيا (التي تعد مكان توطن حالي للمرض) حيث تكثر المستنقعات (أماكن تواجد وتكاثر البراغيث والحشرات) والحيوانات البرية التي تشكل مستودعاً للعامل الممرض. تتظاهر الإصابة بثلاث أشكال سريرية أساسية مختلفة تبعاً للجزء المصاب من الجسم وهي:
الطاعون الدبلي:
وهو الشكل الأكثر شيوعاً للمرض حيث يشكل أكثر من 80% من تظاهراته، وهو النوع المرتبط بلدغة البراغيث، ويحدث فيه تضخم للعقد اللمفية بعد حوالي أسبوع من العدوى، ويتميز بأعراض منها:
- ضخامة العقد اللمفية في الإبط والمغبن والرقبة، وتكون العقد بحجم بيضة الدجاج ومؤلمة بالجس.
- الحمى المفاجئة والقشعريرة
- الصداع والتعب الشديد.
- الألم العضلي والهيكلي.
الطاعون الدموي:
يحدث عندما تتكاثر جرثومة الطاعون في مجرى الدم (الأوعية الدموية) مؤدية لأعراض منها:
- الحمى والضعف الشديد.
- الألم البطني.
- الإسهال والإقياء.
- النزف (من الفم أو الأنف أو الشرج أو تحت الجلد).
- الصدمة وفشل الأعضاء المتعدد بسبب تموت الأنسجة في الأطراف (غنغرينا(.
الطاعون الرئوي:
الشكل الأقل شيوعاً ولكنه الأخطر. يصيب الرئتين وتحدث العدوى به من شخص مصاب لآخر سليم عن طريق السعال، حيث يعتبر الرذاذ المتطاير أثناء السعال الوسيلة الأهم للعدوى فيما يتعلق بالطاعون الرئوي. ويطور المصاب الأعراض خلال ساعات قليلة وهي:
- السعال والمخاط المدمى وصعوبة التنفس.
- الغثيان والإقياء.
- الحمى الشديدة والقشعريرة.
- الصداع والضعف العضلي.
- الألم الصدري.
ما يميز الطاعون الرئوي هو سرعة تطور المرض وظهور الأعراض، حيث من الممكن أن يحصل الفشل التنفسي أو الصدمة خلال يومين فقط من بدء الأعراض.
ويجب التغطية بالمضادات الحيوية في هذا الشكل من الطاعون خلال مدة أقصاها يوم واحد من بدء الأعراض وإلا فإن المرض يكون قاتل عادةً. [1]. [2]
الاختلاطات والمضاعفات الخطيرة الناتجة عن المرض
تحمل الإصابة بالطاعون بالإضافة إلى أعراضها الخطيرة الكثير من المضاعفات التي قد تكون مهددة لحياة المريض منها:
- الغنغرينا والتي تنتج عن تشكل خثرات الدم في الأوعية فتسد الشرايين الصغيرة لاسيما في أصابع اليد والقدم، مما ينتج عنه إعاقة للجريان الدموي إلى هذه المناطق مسبباً تموتها. وعند حدوث الغنغرينا يجب إزالة المناطق المتموتة جراحياً (البتر).
- التهاب السحايا: على الرغم من كونه اختلاطاً نادراً، إلا أنه وارد الحدوث ويتميز بأنه مهدد للحياة ومميتاً إذا لم يعالج.
-
الموت: كان لتطور المضادات الحيوية القوية أثراً كبيراً في إنقاص معدلات الوفيات بالطاعون، فالمرضى المصابين غير المعالجين غالباً ما يكون مصيرهم الموت. [1]
علاج الإصابة بمرض الطاعون
تعتبر المضادات الحيوية هي العلاج الذهبي للإصابة باليرسينية الطاعونية المسببة لمرض الطاعون ومن الصادات المستخدمة:
- الجنتامايسين.
- الدوكسيسيكلين.
- السيبروفلوكساسين.
- الكلورأمفينيكول.
لا يوجد لقاح فعال ضد الطاعون حتى الآن، لكن العلماء يعملون جاهدين على اكتشاف لقاح آمن يقي من الأشكال الثلاثة للمرض. [1]
الوقاية من الإصابة بالطاعون
تبقى الوقاية خيراً من العلاج دائماً وهي ما توفرها معرفتنا الحالية بآليات المرض وأسبابه وطرق انتقاله للإنسان. وتتلخص سبل الوقاية من الطاعون بـ:
- تجنب التماس مع الحيوانات البرية المشتبه بإصابتها وذلك خلال رحلات الصيد أو التخييم أو النزهات في المناطق الجبلية والبرية وارتداء القفازات عند التعامل مع الحيوانات من قبل الصيادين أو الجزارين أو صانعي الجلود.
- التأكد من خلو الحيوانات المنزلية الأليفة من البراغيث لتجنب إصابتها بالعدوى وفحصها من قبل الأطباء البيطرين المختصين بشكل دوري.
- مراقبة الأطفال و الحيوانات الأليفة خصوصاً في النزهات خارج المنزل في المناطق التي يتوطن بها المرض والعامل الممرض.
- استعمال المبيدات الحشرية للقضاء على البراغيث و الحشرات الناقلة للمرض.
يمكن استخدام الصادات الحيوية لغاية وقائية عند التعرض للعامل الممرض أو حيوان مصاب أو الشك القوي بذلك. [2]
شاهدي أيضاً: الملاريا
ختاماً.. إن قصة اكتشاف علاج الطاعون والتغلب عليه يعطي البشرية أملاً متجدداً في القضاء على الأوبئة والأمراض التي تواجهها في عصرنا الحالي خصوصاً في صراع البشرية الحالي مع داء كورونا Covid-19.
المصادر:
[1] مقال عن مرض الطاعون المسبب والأعراض منشور على موقع healthline.com
[2] مقال عن مرض الطاعون منشور على موقع WHO.int