إدارة الغذاء والدواء الأمريكية توافق على علاج جديد لمرض الزهايمر
وافقت إدارة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة الأمريكية FDA على دواء جديد يستخدم لعلاج المرضى الذين يعانون من مرض الزهايمر (الخرف).
تم السماح باستخدام هذا الدواء المعروف باسم أدوهيلم Aduhelm من خلال "معيار الموافقة المستعجلة"، هذا المعيار يمنح إدارة الغذاء والدواء الأمريكية صلاحيات الموافقة على الأدوية والعلاجات التي تستخدم لعلاج الأمراض الخطيرة والمهددة للحياة إذا كانت تظن أنها توفر فوائد علاجية تفوق العلاجات المتاحة. لذلك، تعد الموافقة على هذا الدواء هي البداية فقط وسوف تتم دراسة تأثيراته على المرضى وتقييم فوائده لاحقاً.
تعد الموافقة على هذا الدواء مهمة للغاية، فهو أول دواء يتم اعتماده من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لعلاج الزهايمر منذ عام 2003، والأهم من هذا، أنه أول دواء يستخدم بشكل موجه لتقليل عدد لويحات بيتا أميلويد التي تتشكل في دماغ المرضى، يعتقد العلماء أن هذه اللويحات هي المسؤولة عن التدهور المعرفي الذي يعاني منه مرضى الزهايمر.
الإعلان عن الموافقة على هذا الدواء صاحبه اهتمامٌ كبيرٌ من قبل الصحفيين ووسائل الأعلام الأمريكية والعالمية بالإضافة إلى عدد كبير من المرضى والأطباء وأصحاب المصلحة المهتمين، هذا أمر منطقي للغاية، فنحن نتحدث عن مرض خطير يهدد حياة المرضى ويؤدي إلى تدهور كبير في قدراتهم المعرفية وينتج عنه صعوبات لا يمكن مواجهتها إلا من خلال دعم الآخرين.
في تعليقها على قرار الموافقة على هذا الدواء، تقول الدكتورة باتريسيا كافازوني Patrizia Cabazon وهي مديرة مركز إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لتقييم الأدوية والأبحاث: "لقد اتبعنا الإجراءات المعتادة التي نستخدمها لاتخاذ القرارات عندما نرغب في الموافقة على أحد الأدوية، فقد قمنا بقراءة وتقييم نتائج الاختبارات السريرية على المرضى الذين استخدموا هذا الدواء ودققنا هذه النتائج جيداً، ثم طلبنا ملاحظات اللجنة الاستشارية لأدوية الجهاز العصبي المحيطي والمركزي، وبعدها استمعنا إلى وجهات نظر مجتمع المرضى، وراجعنا كل البيانات المتعلقة بالدواء الجديد، في الحقيقة، كانت جميع البيانات التي عرضت علينا معقده للغاية وتركت الكثير من الأسئلة والشكوك فيما يتعلق بفائدة هذا العلاج، وفي النهاية، قررنا الموافقة على استخدامه من خلال معيار الموافقة المستعجلة، وهو معيار مخصص للموافقة على الأدوية والعلاجات التي يعتقد أنها تقدم فائدة للمرضى الذين يعانون من أمراض خطيرة للغاية وتهدد الحياة، وعلى الرغم من وجود بعض الشكوك والأسئلة التي لم يتم الإجابة عنها، إلا أن العلاج الجديد استوفى كل متطلبات الموافقة المستعجلة، وكانت النتيجة النهائية التي توصلنا إليها هي أن فوائد الدواء الجديد للمرضى الذين يعانون من الزهايمر تفوق المخاطر".
ما الذي أظهرته البيانات؟
جميع الدراسات ونتائج التجارب السريرية التي تم تقييمها من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية أظهرت تراجعاً في التدهور المعرفي للمرضى. وبينت أن الدواء يقلل بشكلٍ مقنع للغاية من مستوى لويحات بيتا أميلويد في دماغ المرضى، وذلك حسب كمية الجرعة المستخدمة ومدة العلاج. وكما هو معروف لدى الأطباء، يؤدي انخفاض لويحات بيتا أميلويد إلى خفض التدهور الناجم عن مرض الزهايمر.
في شهر نوفمبر 2020، قامت اللجنة الاستشارية لأدوية الجهاز العصبي المحيطي والمركزي بتقييم بيانات التجارب السريرية والدراسات المتعلقة بهذا الدواء، ولم توافق عليه، إلا أن اللجنة لم تناقش خيار الموافقة المستعجلة. لكن العديد من الخبراء قالوا إن الانخفاض في عدد لويحات بيتا أميلويد قد يكون كافياً لتحقيق فائدة للمرضى الذين يعانون من الزهايمر، ولهذا السبب، تمت مؤخراً الموافقة على هذا الدواء بحسب معيار الموافقة المستعجلة.
ما المقصود بالموافقة المستعجلة؟
قامت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بإنشاء معيار الموافقة المستعجلة الخاص بها وذلك بغرض الموافقة مبكراً على العلاجات والأدوية التي تستخدم لعلاج الأمراض الخطيرة بشرط أن تلبي هذه الأدوية والعلاجات احتياجات طبية معينة تفيد المرضى، وتتم الموافقة عليها إذا أظهرت النتائج أي فائدة محتملة تفوق المخاطر، وفي حاله دواء Aduhelm كانت النتائج التي سمحت بالموافقة المستعجلة هي تقليل ترسبات لويحات بيتا أميلويد في دماغ المرضى.
معيار الموافقة المستعجلة يمكن أن يستخدم من أجل تقصير الوقت المطلوب لإجازة أي دواء أو علاج يلبي معايير مفيدة للمرضى لا يلبيها أي من الأدوية أو العلاجات المتاحة.
بعد الموافقة على أي دواء باستخدام معيار الموافقة المستعجلة، ينبغي على الشركة المصنعة لدواء الاستمرار في دراسة وتقييم حالة المرضى والتأثيرات الناجمة عن أخذ الدواء، تعرف هذه الدراسة بالمرحلة 4 من التجارب السريرية، وإذا تبين بعد هذه الدراسة إن الدواء لا يحقق الفائدة المتوقعة، فإن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية يمكن أن تتخذ إجراءات تنظيمية لسحب الدواء من السوق ومنع استخدامه.
هذا يعني أن الموافقة على دواء Aduhelm قد لا تكون دائمة، وسوف تقوم إدارة الغذاء والدواء بتقييم النتائج والدراسات اللاحقة، ثم ستتخذ قرارها النهائي بالموافقة على الدواء بشكل رسمي أو إلغاء الموافقة وسحبه من السوق.
خطر مرض الزهايمر
تقول باتريسيا كافازوني: "نحن ندرك تأثير مرض الزهايمر على الأشخاص الذين يصابون به، حيث يفقد هؤلاء المرضى الذاكرة والقدرات المعرفية والإدراكية مع الوقت، وفي المرحلة الأخيرة من المرض، يصبحون غير قادرين على التواصل مع الأخرين أو الاستجابة للمؤثرات الخارجية بشكلٍ صحيح، معظم المرضى يعيشون لمدة 4 – 8 سنوات بعد تشخيص إصابتهم بالمرض، لكن بعضهم قد يعيشون فتره أطول تصل إلى 20 سنة".
وتضيف كافازوني: "هذا التأثير الذي يحدثه المرض تجعل الحاجة إلى العلاج ملحة للغاية، ففي الولايات المتحدة الأمريكية فقط، يعاني أكثر من 6 ملايين شخص من مرض الزهايمر، وتتوقع المراكز الطبية ومؤسسات الرعاية الصحية زيادة أعداد المرضى في المستقبل، وحالياً، يعتبر مرض الزهايمر في المرتبة السادسة من بين الأمراض التي تسبب الوفاة في الولايات المتحدة الأمريكية".
على الرغم من أن بيانات التجارب السريرية لدواء Aduhelm معقدة وليست حاسمة بعد، إلا أن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية وجدت أن تقليل لويحات بيتا أميلويد في الدماغ من المرجح أن يساعد في تقليل التدهور المعرفي والإدراكي للمرضى، لذلك، قررت الإدارة الموافقة على العلاج الجديد بشكلٍ مستعجل ثم مراجعة قرارها هذا في المستقبل حسب البيانات الجديدة التي سيتم جمعها.
هذا يعني أن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية ستستمر في مراقبة وتقييم دواء Aduhelm بعد طرحه في السوق، وسوف تقوم بتقديم البيانات التي يتم جمعها من المرضى الذين يأخذون هذا الدواء، وقد طلبت الإدارة من شركة بيوجين Biogan الأمريكية التي طورت هذا الدواء أن تجري مزيداً من التجارب السريرية بعد الموافقة المستعجل عليه للتأكد من فائدته، وإذا تبين أن النتائج لا تستحق الموافقة، فإن الإدارة قد تتخذ قراراً بسحب الدواء من السوق ومنع تداوله وبيعه واستخدامه.
تقول كافازوني: "نحن في وكالة الدواء والغذاء الأمريكية سنستمر في متابعة التجارب السريرية وتقييم بيانات المرضى الذين عولجوا بدواء Aduhelm، وسوف نواصل العمل مع الشركة المطورة للدواء ومؤسسات الرعاية الصحية حتى نتخذ القرار النهائي".
إدارة الغذاء والدواء الأمريكية
إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA أو USFDA) هي وكالة فيدرالية تتبع لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية. وهي الوكالة المسؤولة عن حماية وتعزيز الصحة العامة من خلال الرقابة والإشراف على سلامة الأغذية والأدوية واللقاحات والمكملات الغذائية ونقل الدم والأجهزة الطبية والإشعاعية ومستحضرات التجميل، بالإضافة إلى الأغذية الحيوانية والأعلاف الأدوية البيطرية.