تشخيص سرطان القولون
يقع القولون في الجزء السفلي من الجهاز الهضمي، ويكون هذا العضو عرضة للإصابة بالسرطان، فما هي أسباب سرطان القولون؟ وكيف يمكن تمييز أعراضه في بداية المرض لتلافي تطوره سريعاً؟
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
أصبح مرض السرطان من الأمراض الشائعة بين الناس، فحتماً إذا بحث كل منا في دائرة معارفه وأصدقائه فسيجد مريض بالسرطان، ومن أشهر أنواع السرطانات المعروفة حالياً سرطان القولون، الذي سنقدم عنه أبرز المعلومات الضرورية التي ستشكل لدينا القدر الكافي من الوعي حول هذا المرض، وكيفية التعامل معه.
ما هو سرطان القولون
يصنف سرطان القولون (بالإنجليزية: Colon cancer) من ثالث أكثر أنواع السرطانات شيوعاً، وينشأ أولاً من القولون في صورة تكتلات صغيرة من الخلايا الحميدة تسمى السلائل (بالإنجليزية: Polyps)، التي قد تتحول فيما بعد إلى خلايا سرطانية.
ومن الجدير بالذكر أن سرطان القولون يمكن أن يحدث في أي فئة عمرية، لكن يشيع حدوثه في البالغين، ويطلق أحياناً على هذا النوع سرطان القولون والمستقيم؛ حيث إنه يجمع بين كلا العضوين وقد يبدأ من المستقيم. [1] [2]
تشخيص سرطان القولون
يوصي الأطباء بأهمية إجراء فحوصات دورية للكشف المبكر عن سرطان القولون، وذلك لمن تتخطى أعمارهم 45 عاماً ولمن لديهم عوامل خطورة للإصابة بذلك المرض، في بداية التشخيص يسأل الطبيب عن التاريخ المرضي كاملاً، ثم يجري فحصاً للمريض بالضغط على البطن، أو بعمل فحص المستقيم؛ للكشف عن وجود أي تكتلات من الخلايا. أما عن التحاليل التي يطلب الطبيب إجراءها للمساعدة في التشخيص فهي: [3] [4]
تحليل البراز
ينصح بإجراء هذا التحليل سنوياً حسب توصيات الجمعية الأمريكية للسرطان، ويوجد نوعان من هذا التحليل هما:
- اختبار الغواياك للكشف عن الدم الخفي في البراز (بالإنجليزية: Guaiac-based fecal occult blood test): ينصح بتجنب تناول اللحوم الحمراء، أو استخدام أدوية مضادات الالتهاب غير الاستيرويدية قبل هذا الاختبار؛ لأنها يمكن أن تؤثر على صحة النتائج.
- اختبار البراز الكيميائي المناعي (بالإنجليزية: Fecal immunochemical test): يعد هذا الاختبار أكثر دقةً من النوع السابق؛ حيث إنه يكشف عن الهيموجلوبين بالدم، ولا تتأثر نتيجته بالأدوية أو الأطعمة.
حقنة الباريوم الشرجية
تستخدم بغرض عمل أشعة سينية على القولون والمستقيم، وينصح الطبيب قبل هذا الإجراء بشرب السوائل، وتناول الأدوية الملينة؛ للمساعدة في تخلص الجسم من الفضلات الناتجة عن الهضم، وتشمل خطوات الاختبار التالي:
- حقن مستحضر الباريوم عن طريق أنبوبة شرجية.
- يمكن أيضاً أن يضخ الطبيب كمية من الهواء داخل القولون؛ لتساعد قليلاً على تمدده، ولتساعد هذا المستحضر في إظهار أي عيوب أو أجزاء غير طبيعية بالقولون.
- ثم تجرى الأشعة السينية بعد ذلك.
اختبارات الدم
قد يطلب الطبيب إجراء مجموعة من اختبارات الدم؛ لمعرفة السبب في الأعراض التي يعانيها المريض، وأيضاً المساعدة في استبعاد أمراض معينة، ومن هذه الاختبارات ما يلي:
- تحليل وظائف الكبد.
- تعداد الدم الكامل.
التنظير السيني
يساعد التنظير السيني (بالإنجليزية: Sigmoidoscopy) المعروف أيضاً باسم التنظير السيني المرن في فحص القولون السيني؛ للكشف عن وجود أية تكتلات غريبة، ويمكن في أثناء هذا الإجراء أخذ خزعة لتحليلها، كما ويوصى بعمل هذا الاختبار كل 5 سنوات.
تنظير القولون
يعد تنظير القولون (بالإنجليزية: Colonoscopy) من أكثر الطرق التشخيصية استخداماً وفاعلية في الكشف عن تكتلات الخلايا الحميدة، التي قد تكون بداية تكون السرطان، وينصح بعمل تنظير القولون كل 10 سنوات.
التصوير المقطعي المحوسب للقولون CT
تجرى هذه الأشعة المقطعية لتحديد وجود خلايا سرطانية، ويختلف عن عملية تنظير القولون في كونه لا يتطلب تخدير المريض، إنما يستخدم المريض الملينات الليلة التي تسبق الاختبار، وقبل الأشعة يضخ الهواء داخل القولون لسهولة الفحص، وعند الكشف عن وجود أية سلائل فإنه لا تؤخذ منها خزعة، إنما يوجه المريض حينها لعمل تنظير للقولون.
أسباب سرطان القولون
لم يتوصل العلماء حتى الآن إلى السبب الرئيس في حدوث سرطان القولون، لكن غالباً يكون أصل تكونه تغيرات في الحمض النووي في الجينات السرطانية للخلايا، التي يكون دورها الأساسي الحفاظ على نمو الخلايا، وانقسامها بصورة طبيعية، بالإضافة إلى الجينات المثبطة للأورام.
لذلك عند حدوث هذه التغيرات على الجينات يتضاعف عددها غير الطبيعي، وتؤدي إلى ظهور السرطان، كما يمكن أن تنتشر أيضاً هذه الخلايا السرطانية إلى الأجزاء الأخرى السليمة من الجسم. [2]
أعراض سرطان القولون
تنقسم أعراض سرطان القولون حسب المرحلة التي وصل إليها المرض، فنجد في بادئ الأمر مجموعة من الأعراض المبكرة؛ مثل: [2] [3]
- البراز الدموي.
- النزف المستقيمي.
- الإسهال.
- الإمساك.
- ألم وتقلصات بالبطن.
- تغير في شكل البراز ولونه.
- الانتفاخ.
ينصح باستشارة الطبيب إذا استمرت إحدى هذه الأعراض لأكثر من أسبوع أو أسبوعين؛ حتى يقرر الطبيب إذا كانت هذه الأعراض مصدراً للقلق وتتطلب عمل فحص للكشف عن سرطان القولون أم لا، لكن إذا تغاضى المريض عن الأعراض السابقة فقد يتطور المرض وتحدث المزيد من الأعراض الإضافية؛ مثل:
- الإرهاق الزائد.
- خسارة الوزن دون سبب.
- استمرار التغيرات في البراز لمدة تتجاوز الشهر.
- القيء.
- فقدان الشهية.
- الأنيميا.
- عدم انتظام دورة الطمث في النساء المصابة.
مع تمكن المرض وسيطرته على المريض، وقدرته على الانتشار، تنتقل الإصابة إلى أماكن أخرى مسببةً الأعراض التالية:
- اليرقان أو الصفراء (بالإنجليزية: Jaundice).
- تشوش الرؤية.
- الصداع المزمن.
- صعوبة التنفس.
- تورم اليدين، أو القدمين.
- كسور بالعظام.
مراحل تطور سرطان القولون
صنف الأطباء تطور سرطان القولون إلى عدة مراحل؛ لتمكنهم من تحديد حجم الورم ومدى انتشاره، أما عن هذه المراحل، فهي: [3]
- المرحلة الصفرية: المعروفة باسم السرطانة اللابدة، وفيها تتمركز الخلايا غير الطبيعية في بطانة المستقيم أو القولون.
- المرحلة الأولى: تخترق الخلايا السرطانية بطانة القولون، وتصل إلى طبقة العضلات وتنمو بداخلها، مع عدم انتشارها إلى العقد الليمفاوية أو أجزاء الجسم الأخرى.
- المرحلة الثانية: يصل السرطان إلى جدار القولون أو المستقيم، أو جدار الأنسجة المحيطة، لكنه لا يزال غير قادر على إصابة العقد الليمفاوية.
- المرحلة الثالثة: ينتقل السرطان إلى العقد الليمفاوية، دون الوصول إلى أجزاء الجسم الأخرى.
- المرحلة الرابعة: يصيب السرطان أجزاء الجسم المختلفة، كالكبد، والرئتين.
أنواع سرطان القولون
توجد أنواع مختلفة من السرطان تصيب القولون، وذلك وفقاً للخلايا المتعددة بالجهاز الهضمي التي لديها قابلية للتحول إلى خلايا سرطانية، وتشمل هذه الأنواع ما يلي: [3]
- السرطان الغدي (بالإنجليزية: Adenocarcinoma): أكثر الأنواع شيوعاً؛ حيث إنه يصيب الخلايا المسؤولة عن إفراز المخاط بالقولون أو المستقيم.
- الورم الليمفاوي (بالإنجليزية: Lymphoma): تكون بدايته من القولون، أو العقد الليمفاوية.
- الورم السرطاوي (بالإنجليزية: Carcinoids): ينشأ من الخلايا المفرزة للهرمونات بالأمعاء.
- سرطان الساركوما (بالإنجليزية: Sarcoma): يصيب الأنسجة الرخوة بالقولون، كالعضلات.
- الورم السدودي المعدي المعوي (بالإنجليزية: Gastrointestinal stromal tumor): نادراً ما يصيب هذا النوع القولون، وفيه يبدأ كورم حميد ثم يتحول إلى خبيث.
عوامل تزيد من فرص الإصابة
يمكن أن تسهم عدد كبير من العوامل في زيادة احتمالية الإصابة بسرطان القولون، التي منها الآتي: [4] [5]
- السن، تشيع الإصابة في كبار السن الذين تتجاوز أعمارهم 50 عاماً عن البالغين.
- السمنة.
- الإفراط في المشروبات الكحولية.
- التدخين.
- عدم ممارسة أي نشاط بدني.
- الأصول العرقية، الأكثر عرضة للإصابة هم الأمريكيون ذوو الأصول الأفريقية، ويهود الأشكيناز.
- الإصابة السابقة لأحد أفراد العائلة بسرطان القولون.
- إصابة المريض المسبقة بأي نوع من أنواع السرطانات.
- وجود سلائل بالقولون.
- الإصابة بمرض التهاب القولون التقرحي، أو مرض كرونز.
- اتباع النظام الغذائي الغني بالمواد الدهنية، والمفتقر إلى الألياف.
- استخدام العلاج البديل لهرمون الإستروجين بعد سن الإياس.
- المتلازمات المرتبطة بالأمراض الوراثية.
كيفية العلاج
هناك عدة عوامل يأخذها الطبيب بعين الاعتبار قبل تحديده العلاج المناسب لكل مريض، الذي لا يعتمد بالمناسبة على طريقة واحدة، ومن هذه العوامل ما يلي: [2]
- نوع السرطان.
- المرحلة التي وصل إليها المرض.
- السن.
- الحالة الصحية العامة للمريض.
تهدف الطرق التي تستخدم في العلاج إلى إزالة السرطان من الجسم، ومنع انتشاره إلى الأعضاء الأخرى، بالإضافة إلى تقليل الأعراض التي قد تنتج عنه، وتوجد طرق شتى للعلاج؛ مثل: [2] [5]
التدخل الجراحي
تعد الجراحة هي الحل الأنسب للمراحل الأولى من السرطان عندما يكون في صورة سلائل، فيكون العلاج في مثل هذه الحالة هو استئصال هذه السلائل. كذلك فإنه توجد أنواع أخرى من الجراحة؛ مثل:[2] [5]
- استئصال القولون (بالإنجليزية: Colectomy): فيه يزيل الطبيب جزء من القولون المحتوي على الخلايا السرطانية، أو القولون كله، بالإضافة إلى بعض الأنسجة من المنطقة المحيطة.
- فغر القولون (بالإنجليزية: Colostomy): فيه تُستأصل العقد الليمفاوية المحيطة بالورم؛ لتقليل الانتشار، ثم توصل الأجزاء السليمة من القولون ببعضها، أو تصنع فغرة في جدار البطن؛ لتمر من خلالها الفضلات.
- التنظير الداخلي (بالإنجليزية: Endoscopy): يتمكن الطبيب من خلال هذه العملية إزالة جزء صغير وموضعي من الخلايا السرطانية.
- الجراحة التنظيرية للبطن (بالإنجليزية: Laparoscopic surgery): قد تكون هذه الجراحة حلاً مناسباً لإزالة السلائل كبيرة الحجم.
- الجراحة الملطفة (بالإنجليزية: Palliative surgery): تجرى هذه الجراحة في المراحل المتقدمة من السرطان، التي لم تعد تستجيب للعلاج، فتساعد هذه الجراحة على تخفيف الأعراض، بإزالة أي انسداد في القولون، ومحاولة التحكم في الألم والنزيف المحتمل.
العلاج الإشعاعي
لا يفضل الأطباء اللجوء إلى العلاج الإشعاعي إلا في المراحل المتقدمة من سرطان القولون، وذلك عند اختراق الخلايا السرطانية لجدار المستقيم، أو انتشارها إلى العقد الليمفاوية المحيطة. يترتب على جلسات العلاج الإشعاعي بعض الآثار الجانبية؛ مثل:[2] [5]
- الغثيان.
- القيء.
- تغيرات بالجلد تشبه حروق الشمس.
- الإسهال.
- الإجهاد.
- فقدان الشهية.
- خسارة الوزن.
العلاج الكيميائي
يستهدف العلاج الكيميائي القضاء على عملية الانقسام السريع للخلايا، عن طريق تدمير الحمض النووي بها، للأسف أن الأدوية المستخدمة لذلك لا تميز بين الخلايا السرطانية والخلايا السليمة. أما عن استخدام العلاج الكيميائي فإنه يكون في حالات معينة؛ مثل:[2] [5]
- قبل الجراحة: وذلك لتقليص حجم الورم حتى يسهل استئصاله.
- بعد الجراحة: للقضاء على أي خلايا سرطانية متبقية.
- في حالة انتشار السرطان إلى الأعضاء الأخرى.
العلاج المناعي
تعتمد طبيعة عمله على الجهاز المناعي للجسم للقضاء على الخلايا السرطانية، فمثلاً يوجد بروتين على خلايا الورم يسمى PD-L1 يرتبط بالخلايا التائية القاتلة للمريض؛ لتثبيط عملها القائم على تدمير الخلايا السرطانية، لكن مع وجود مثبط المناعة بيمبروليزوماب، الذي يستطيع أن يرتبط ببروتين الورم، ثم يمكن الخلايا التائية من القضاء على ذلك المرض الفتاك.
العلاج الموجه
تستخدم فيه الأدوية أو المواد التي لديها القدرة على القضاء على الخلايا المسرطنة؛ مثل:
- الأجسام المضادة وحيدة النسيلة (بالإنجليزية: Monoclonal antibodies): تستخدم بمفردها أو مع أدوية أخرى؛ لتدمير خلايا سرطانية معينة.
- مركبات بيفاسيزوماب (الاسم التجاري: أفاستين)، وراميوسيروماب (الاسم التجاري: سيرامزا): تثبط تكوين الأوعية الدموية للسرطان.
- أدوية سيتوكسيماب (الاسم التجاري: إربيتوكس)، وبانيتوموماب (الاسم التجاري: فيكتيبكس): تثبط أو توقف نمو الخلايا السرطانية.
الوقاية من سرطان القولون
مع الأسف أنه ليس متاحاً حتى الآن أية طريقة مضمونة للوقاية من الإصابة بسرطان القولون نهائياً، لكن هناك بعض العادات الصحية التي عند اتباعها تسهم في تقليل احتمالية الإصابة؛ مثل: [3]
- تجنب تناول اللحوم المصنعة.
- تقليل الاستهلاك من اللحوم الحمراء.
- الإكثار من الأطعمة النباتية.
- تقليل كمية الدهون من النظام الغذائي.
- الإقلاع عن التدخين.
- الحد من المشروبات الكحولية.
- ممارسة الرياضة يومياً.
- محاولة خسارة الوزن، خاصةً عندما يوصي الطبيب بذلك.
- تجنب الوقوع تحت وطأة الضغوط النفسية قدر المستطاع.
- الخضوع للفحوص اللازمة للكشف عن سرطان القولون مع الوصول لسن 45 عاماً.
هذه خلاصة حديثنا عن مرض سرطان القولون، الذي يمكن أن يصيب أي شخص لديه العوامل المساعدة للإصابة السابق ذكرها؛ لذا وجب التنويه عن تفاصيل هذا المرض الخبيث؛ حتى تكون لدينا الخلفية الطبية الشاملة عنه حول كيفية التعامل معه.