اضطراب القلق العام
من الطبيعي أن تنتابنا بعض اللحظات التي نشعر فيها بالقلق، لكن عندما يفقد أي شخص سيطرته على هذه المشاعر المتكررة، أو عندما لا يكون أي سبب يدعو إليها، فمن المحتمل أن يكون هذا الشخص مصاباً بمشكلة اضطراب القلق العام، فما هو هذا الاضطراب؟ وما هي أسبابه وأعراضه؟ وهل يمكن علاجه والوقاية منه؟
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ما هو اضطراب القلق العام
اضطراب القلق العام (بالإنجليزية: Generalized Anxiety Disorder) أو عصاب القلق المزمن كما يطلق عليه في بعض الأحيان، هو مشكلة يعاني فيها المرضى من الاستجابة بشكل استثنائي إلى بعض المواقف، حيث تظهر بعض الأعراض النفسية والجسدية الناتجة عن فرط شعورهم بالقلق، على الرغم من عدم وجود أي سبب يدعو إلى هذا القلق. [1]
على الرغم من كون مشاعر القلق طبيعية بل وصحية في كثير من الأحيان؛ فهي تساعدنا في بعض الأوقات على تركيز انتباهنا والحفاظ على سلامتنا في بعض المواقف الخطرة، إلا أن هذه المشاعر عندما تتجاوز حد معين، أو عندما تتعارض مع قدرتنا على القيام بالعمل، ومواصلة حياتنا اليومية، فإنها تتحول بطبيعة الحال إلى مشاعر مرضية تتطلب العلاج. [1]
أعراض اضطراب القلق العام
تتباين أعراض اضطراب القلق العام بين بعض المشاعر النفسية، وبعض الأعراض الجسدية والسلوكية التي تسيطر على المرضى، نوضح في هذا الجزء من المقال تفاصيل أكثر عن هذه الأعراض. [2]
الأعراض الجسدية
ينعكس القلق على كثير من المرضى ويتخطى كونه مشكلة نفسية فقط، فهناك كثير من الأعراض الجسدية التي يعاني منها هؤلاء المرضى، من ضمن هذه الأعراض: [1][2]
- الغثيان
- جفاف الفم.
- خفقان القلب.
- الشد العضلي.
- التعب والإرهاق.
- ضيق في التنفس.
- برودة اليد وتعرقها.
- آلام متكررة في المعدة.
- الشعور بوخز أو خدر في اليدين والقدمين.
- مشاكل في الجهاز الهضمي، وأشهرها الإسهال.
الأعراض النفسية
يتضح اضطراب القلق العام من خلال بعض الأعراض النفسية، من أهمها: [1][2]
- الكوابيس.
- الشعور بالخوف والذعر وعدم الارتياح.
- بعض الأفكار السلبية التي لا يمكن للمريض أن يسيطر عليها.
- الذكريات التي تنطوي على بعض التجارب الصادمة التي عاشها المريض في الماضي.
الأعراض السلوكية
يتضمن اضطراب القلق العام بعض الأعراض السلوكية من ضمنها: [1][2]
- التهيج والعصبية.
- اضطرابات النوم.
- صعوبة في التركيز.
- صعوبة في الاسترخاء؛ نتيجة الإفراط في التفكير.
- بعض السلوكيات المتكررة مثل غسل اليدين.
أسباب اضطراب القلق العام
لا يعرف خبراء الطب النفسي الأسباب الدقيقة وراء الإصابة باضطراب القلق العام، وإن كانوا يعتقدون أن هناك علاقة بين أعراضه، وبين بعض العوامل الجينية التي تساهم في تطور هذه الأعراض. [3]
بالإضافة إلى ذلك، توجد بعض عوامل الخطر التي تساهم في زيادة نسبة الإصابة باضطراب القلق العام، من أهم هذه العوامل: [3]
- العوامل الوراثية: ترجح بعض الأبحاث انتقال أعراض اضطراب القلق العام بين العائلات، حيث يُعتقد أن العوامل الوراثية تلعب دوراً في انتقاله.
- كيمياء المخ: من المحتمل أن يتسبب الخلل الذي يحدث في بعض الناقلات العصبية التي تربط مناطق معينة في المخ في ظهور أعراض اضطراب القلق العام، حيث يؤدي هذا الخلل في ظهور بعض المشاكل التي تتعلق بالحالة المزاجية، والخوف، والقلق.
- العوامل البيئية: تؤدي معاناة العديد من المرضى من بعض الأحداث الصادمة إلى ظهور وتطور أعراض اضطراب القلق العام، من ضمن الأمثلة على هذه الأحداث: وفاة أحد المقربين، أو مشاعر الإساءة، أو الطلاق، أو حتى تغيير العمل أو المدرسة.
تشخيص اضطراب القلق العام
لا يوجد فحوصات أو إجراءات طبية محددة يمكنها أن تساعد في تشخيص اضطرابات القلق، لكن يلجأ الأطباء إلى بعض هذه الإجراءات؛ لاستبعاد إصابة المريض بأحد الأمراض التي تتشابه أعراضها مع أعراض القلق؛ نظراً لوجود كثير من الأعراض الجسدية للقلق. [1]
بالإضافة إلى ذلك يعتمد الطبيب النفسي على بعض الأسئلة التي يوجهها للمريض، ومن خلالها يكتشف تاريخه المرضى والعائلي، واحتمال تعرضه لبعض الأحداث الصادمة في الماضي، واحتمال تعاطيه للمواد المخدرة التي تشترك في بعض الأعراض المصاحبة لاضطراب القلق العام. [1]
وبشكل عام لا يبني أي طبيب تشخيصه لإصابة المريض باضطراب القلق العام، إلا إذا تأكد من استمرار هذه الأعراض لمدة ستة أشهر على الأقل، كما ينبغي أن تتداخل هذه الأعراض مع حياة المريض اليومية، وقدرته على القيام بعمله، أو التواصل مع الآخرين بشكل سليم حتى يتم تشخيصه بهذه المشكلة. [3]
علاج اضطراب القلق العام
يتضمن علاج اضطراب القلق العام العديد من المسارات الطبية، بما فيها الأدوية، والعلاج السلوكي، وتغيير نمط الحياة. نستعرض في السطور القادمة مزيد من التفاصيل عن علاج هذه المشكلة. [2]
العلاج المعرفي السلوكي
يتضمن العلاج المعرفي السلوكي مجموعة من الجلسات التي يجريها المريض مع الطبيب النفسي المعالج؛ حتى يساعد المريض على تغيير بعض السلوكيات والأفكار المرتبطة بأعراض الخوف والقلق، عن طريق تعلم التعامل الإيجابي مع هذه الأعراض، وكيف يتمكن المريض من تهدئة نفسه عند ظهور هذه الأعراض المزعجة. [2]
العلاج الدوائي
يصف الأطباء الأدوية إلى جانب العلاج السلوكي لعلاج أعراض القلق، تتضمن هذه الأدوية بعض مضادات الاكتئاب التي تساعد على تحسين الحالة المزاجية للمريض عندما تستخدم على المدى الطويل، كما تساعد بعض مضادات القلق على علاج الأعراض الجسدية المصاحبة للقلق؛ مثل: الشد العضلي، وتقلصات المعدة. [2]
تتضمن الأدوية المضادة للقلق: [1][2]
- كلونازيبام (الاسم التجاري: Klonopin).
- ألبرازولام (الاسم التجاري: Xanax).
- ديازيبام (الاسم التجاري: Valium).
ومن أشهر مضادات الاكتئاب التي تستخدم على نطاق واسع في علاج أعراض القلق: [2][3]
- سيتالوبرام (الاسم التجاري:Celexa).
- فلوكستين (الاسم التجاري: Prozac).
- بوسبيرون (الاسم التجاري: Buspar).
بالإضافة إلى ذلك يمكن أن تساعد حاصرات بيتا المستخدمة في علاج ارتفاع ضغط الدم في تخفيف بعض الأعراض المصاحبة للقلق؛ مثل: الرعشة، وزيادة معدل ضربات القلب. [1]
تغيير نمط الحياة
تساعد بعض التغييرات البسيطة في نمط الحياة في تخفيف أعراض القلق والتوتر، حيث ينصح الأطباء دائماً بالحصول على قسط كاف من النوم، إلى جانب التقليل من تناول المشروبات الكحولية، والمشروبات التي تحتوي على الكافيين، كما تساهم بعض تقنيات الاسترخاء وتمارين اليوغا في تحسين أعراض القلق والتوتر. [3]
هل يمكن الوقاية من القلق
لا يوجد إجراء محدد يساعد على الوقاية من الإصابة باضطراب القلق العام، لكن يوجد بعض الإرشادات البسيطة التي تساعد المرضى على السيطرة على الأعراض، ومنع تطورها أو تفاقمها، تتضمن هذه الإرشادات: [1][3]
- ممارسة التمارين الرياضية، والحرص على اتباع نظام غذائي متوازن.
- محاولة الانضمام إلى بعض مجموعات الدعم النفسي التي تضم أشخاص يعانون من القلق.
- أخذ قسط من الراحة، ومحاولة الاسترخاء، والابتعاد عن المشاكل والضغوط النفسية بمجرد بداية الشعور بأعراض القلق.
- استشارة الطبيب للحصول على النصائح الطبية الصحيحة في حالة التعرض إلى موقف مؤلم أو مزعج.
- التحقق من مكونات بعض الأدوية، خاصةً المكملات الغذائية والأدوية التي تتضمن الأعشاب؛ لأنها تحتوي على بعض المواد التي تؤدي إلى تفاقم أعراض القلق.
لا شك أن القلق من الصفات الإنسانية التي لا يمكننا التخلص منها، لكن عندما تسيطر مشاعر القلق والخوف على بعض الأشخاص بشكل مرضي، يعيقهم عن ممارسة حياتهم اليومية، تتحول المشكلة إلى حالة مرضية ينبغي علاجها طبياً عن طريق العلاج السلوكي والأدوية.