أعراض مرض الحصبة وعلاجه
يعاني العالم معركة أزلية مع الأمراض المعدية التي تصيب الإنسان دون غيره من الكائنات الحية، ويعد مرض الحصبة ضمن الأمراض المعدية الفيروسية واسعة الانتشار بين الأطفال، وقد يصاب البالغون به أيضاً.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
وبالرغم من انخفاض معدل وفيات مرض الحصبة عن السابق، لكن ما زالت هناك احتمالية موت 1 إلى 3 أشخاص من كل 1000 شخص مصاب بالحصبة في الولايات المتحدة الأمريكية حتى مع أفضل رعاية صحية ممكنة، لذلك دعنا نتعرف إلى أعراض مرض الحصبة وعلاجه، وكيفية الوقاية منه في وقتنا الراهن. [1]
مرض الحصبة
مرض الحصبة، أو بوحمرون (بالإنجليزية: Measles) مرض تنفسي شديد العدوى، يسببه فيروس الحصبة (بالإنجليزية: Measles Virus) الذي ينتمي إلى عائلة الفيروسات المخاطانية (بالإنجليزية: paramyxoviruses)، تعيش في مخاط أنف، وحنجرة الشخص المصاب، لكن الآن الوقاية منها ممكنة بفضل المطعوم المتاح بالرغم من استمرارية تشخيص حالات جديدة.
يظهر في صورة طفح جلدي كامل الجسم، وأعراض قد تشبه أعراض الإنفلونزا، وقد تكون مميتة للأطفال الصغار، كذلك قد تؤدي إلى مضاعفات صحية مزمنة أكثر خطورة من المرض ذاته. [1]
أعراض مرض الحصبة بالتفصيل
تبدأ أعراض مرض الحصبة في الظهور بعد مرور 10-14 يوماً من الإصابة بالفيروس، وتسمى تلك الفترة -مدة الحضانة- التي لا توجد فيها أي شواهد أو علامات مرض الحصبة، وأبرز أعراض مرض الحصبة: [2]
- ارتفاع درجة الحرارة.
- سعال جاف.
- سيلان الأنف.
- التهابات الحلق.
- التهابات العين (التهاب الملتحمة).
- بقع كوبليك المميزة (بقع صغيرة بيضاء اللون ذات مركز أبيض مائل للزرقة على خلفية حمراء على البطانة الداخلية للخد داخل الفم).
- طفح جلدي من بقع كبيرة ومسطحة حمراء اللون قد تتداخل مع بعضها البعض.
- حساسية مفرطة تجاه الضوء.
ونجد أن الدلائل الخاصة بمرض الحصبة تظهر في صورة مراحل تتراوح ما بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، على النحو التالي: [2]
- مرحلة الأعراض غير المحددة: تبدأ غالباً عدوى الحصبة بحمى خفيفة إلى معتدلة، وقد تكون مصحوبة بسعال مستمر، وسيلان الأنف، والتهابات الحلق، وقد تستمر تلك الأعراض مدة تتراوح ما بين يومين إلى ثلاثة أيام.
- مرحلة العدوى الحادة: بعد مرور 3-5 أيام من بداية الأعراض غير المحددة، يظهر الطفح الجلدي الذي يكون على شكل بقع حمراء، وغالباً تظهر في الوجه أولاً، ومن ثم تنتشر إلى أسفل الذراعين، ثم فوق الفخذين، والساقين، والقدمين، ومن الوارد أن تلتصق تلك البقع ببعضها البعض، وقد ترتفع درجة حرارة الجسم في تلك المرحلة بشكل ملحوظ إلى 40-41 درجة مئوية.
- فترة العدوى المنتقلة: نجد أن الشخص المصاب بمرض الحصبة يكون مُعدياً لمدة ثمانية أيام تقريباً، تبدأ من قبل ظهور الطفح الجلدي بأربعة أيام، وتنتهي بعد ظهور الطفح الجلدي بأربعة أيام، وتلك الفترة تستوجب الحذر الشديد، إذ إن مرض الحصبة يمكن أن يكون شديد الخطر، خاصة مع الرضع والأطفال الصغار.
آلية انتشار مرض الحصبة
لأن مرض الحصبة قد يكون شديد الخطر كما علمنا، يجب علينا معرفة طرق انتشاره بين الأفراد؛ للحد من ظهور حالات جديدة، إذ ينتقل خلال الوسائل التالية:[2] [3]
- خلال استنشاق السعال، أو العطس الخاص بالمصاب.
- خلال استنشاق الهواء الملوث بفيروس الحصبة، خاصة في الأماكن المغلقة ذات أنظمة التهوية الداخلية، إذ يستطيع الفيروس أن يعيش مدة تصل إلى ساعتين في الهواء، وعلى الأسطح الملوثة حتى بعد مغادرة الشخص المصاب للمنطقة المحيطة.
- ملامسة سوائل الجسم من الأنف، أو الفم الخاصة بالمصاب.
- ملامسة أداة تحتوي على فيروس الحصبة من شخص ما، ثم ملامسة أنفك، أو فمك، أو العينين.
- الحيوانات لا يمكن أن تصاب بمرض الحصبة، ولا ينتقل الفيروس بواسطتها.
يجب أن تعلم أن مرض الحصبة معدٍ جداً، إذ إن 9 من كل 10 أشخاص يتعرضون للفيروس ولم يحصلوا على التطعيم يصابون بالحصبة، فهو ينتشر بسهولة خلال العائلات، وأماكن العمل، والمدارس، ومراكز رعاية الأطفال.
عوامل الخطورة
هناك بعض العوامل التي قد تزيد من خطر التعرض إلى الإصابة بفيروس الحصبة، وتشمل: [2] [3]
- عدم تلقي التطعيم، إذ من المرجح أن تصاب بفيروس الحصبة في حالة لم تكن تلقيت اللِقاح.
- التطعيم غير الكامل، إذ إنه في حالة عدم الحصول على جرعة معززة ثانية من لِقاح الحصبة يكون الشخص غير مُحصن كاملاً أمام المرض.
- عدم تطوير القدرة المناعية بعد التطعيم كاملاً، ويحدث هذا في نسبة قليلة جداً من الأفراد حوالي 3%.
- الأطفال الذين يعانون من ضعف القدرات المناعية، بسبب: حالات مرضية كفيروس نقص المناعة البشرية، أو الإيدز، أو اللوكيميا، أو الخضوع إلى علاج بالكورتيكوستيرويد.
- الأطفال الرضع الذين فقدوا الأجسام المضادة قبل سن التطعيم الروتيني.
- السفر إلى مناطق تتوطن فيها الحصبة، أو التعامل المباشر مع مسافرين قادمين من الدول النامية التي ينتشر فيها فيروس الحصبة.
- انخفاض مستوى فيتامين أ في الجسم، إذ إنه في حالة لم يكن لديك قدر كافٍ من فيتامين أ في نظام غذائك اليومي، فمن المرجح أن تصاب بأعراض ومضاعفات أكثر حدة.
كيفية علاج مرض الحصبة
لا يوجد علاج واضح ومحدد لمرض الحصبة عكس الأمراض البكتيرية، فهو عدوى فيروسية قد تختفي الأعراض مع الفيروس في نهاية المطاف في غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.
العلاجات الطارئة
هناك بعض الإجراءات الطارئة التي يمكن اللجوء إليها في حالة التعرض إلى الفيروس، قد تخفف من شدة الأعراض، أو منع انتشار العدوى، وتشمل:
- التطعيم الطارئ بعد التعرض: يمكن إعطاء تطعيم الحصبة بعد التعرض إلى الفيروس خلال 72 ساعة؛ لتوفير الحماية من المرض، لكن إذا كان الفيروس انتشر فعلاً في جسم المصاب، يمكن لهذا التطعيم أن يجعل الأعراض أقل شدة، ويسرع عملية الشفاء.
- مصل الجلوبيولين المناعي: هي حقنة من البروتينات (الأجسام المضادة)، تُعطى خلال ستة أيام من التعرض إلى الفيروس؛ لتمنع الحصبة، أو تخفف شدة الأعراض، خاصة في السيدات الحوامل، الأطفال الرضع، والأشخاص الذين يعانون من ضعف الجهاز المناعي. [4] [5]
العلاجات المساعدة الطبية
قد يقوم الطبيب بوصف بعض الأدوية التي قد تساعدك في عملية الشفاء، وأهمها:
- الأدوية الخافضة للحرارة، ومسكنات الآلام غير الستيروئيدية: يمكن تناول الأدوية التي تحتوي على المواد الفعالة، مثل: أسيتامينوفين (الاسم التجاري: Tylenol)، أو إيبوبروفين (الاسم التجاري: Advil)، أو نابروكسين الصوديوم، ومن الضروري تجنب إعطاء الأسبرين للأطفال، والمراهقين؛ تجنباً لخطر الإصابة بمتلازمة راي المشهورة.
- المكملات الغذائية الخاصة بفيتامين أ: قد يقوم الطبيب بوصف فيتامين أ في معظم الحالات خاصة الأطفال بجرعة كبيرة، قد تصل الجرعة إلى 200000 وحدة دولية، إذ قد يمنع تلف العين، وتقليل خطر الوفاة الناتج عن الإصابة.
- الأدوية المضادة للسعال، والتهاب الحلق: قد يساعد هذا النوع من الأدوية في تخفيف شدة الأعراض، سواء أكان على هيئة أقراص، أو شراب، أو أقراص استقلابية فموية.
- بعض المضادات الحيوية: بالرغم من أن عدوى الحصبة عدوى فيروسية، لكن الطبيب قد يصف مضادات حيوية في حالة العدوى البكتيرية الثانوية، مثل: الالتهاب الرئوي، أو التهاب الأذن. [4] [5]
الخطوات المنزلية
لا يوجد أبسط من العناية بخطوات منزلية للتخلص من الأعراض المزعجة التي تواجهها، وإليك بعض الوسائل التي قد يوصي بها طبيبك عند الإصابة بمرض الحصبة: [4] [5]
- الراحة المنزلية التي قد تدعم قدرتك المناعية في مواجهة الفيروس.
- تناول كمية كافية من السوائل؛ منعاً للجفاف بعد الحمى، خاصة المشروبات الدافئة بالليمون والعسل، والعصائر الطازجة، وقد يلجأ الطبيب إلى معالجة السوائل وريدياً في الحالات شديدة الخطر.
- عدم المكوث مطولاً في الأماكن شديدة الإضاءة في حالة وجود حساسية في العين.
- يمكنك إزالة أي قشور في العين بواسطة قطعة قطنية مبللة بالماء.
- ارتداء نظارات شمسية في حالة وجود ضوء مزعج كما يحدث مع معظم الحالات.
- تجنب قراءة الكتب مطولاً، أو مشاهدة التلفاز مدة طويلة خاصة إذا كان الضوء المنبعث من الشاشة مزعجاً.
العلاجات تحت التجربة
وجدت بعض التجارب المعملية أن فيروس الحصبة قد يكون حساساً تجاه دواء ريبافيرين (بالإنجليزية: Ribavirin)، بالرغم من أنه لم تتم الموافقة على الدواء من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، لكن يتم استخدامه أحياناً لعلاج الحالات شديدة الخطر، أو المصابين بالحصبة الحادة الذين لديهم نقص المناعة، لكن هذا الاستخدام حتى وقتنا الحالي يعد تجريبياً فقط. [5]
مضاعفات الإصابة بمرض الحصبة
قد تتضمن مضاعفات الإصابة بمرض الحصبة التالي: [4]
- تعد التهابات الأذن البكتيرية من المضاعفات الأكثر شيوعاً لمرض الحصبة.
- التهابات الشعب الهوائية، أو التهابات الحَنجرة.
- يُعد الالتهاب الرئوي واحداً من المضاعفات الشائعة للإصابة بمرض الحصبة.
- التهاب الدماغ، قد يحدث بعد الإصابة مباشرة، أو بعد مرور أشهر من الإصابة.
- قد تحدث مضاعفات خاصة في أثناء الحمل، إذ قد تتسبب الحصبة في المخاض المبكر، أو انخفاض وزن الطفل عند الولادة.
الوقاية من مرض الحصبة
تلقي لقاح الحصبة الفيروسي الثلاثي، أو الذي يطلق عليه لِقاح (MMR)، يُعد أفضل وسيلة للوقاية في وقتنا الحالي بنسبة تصل إلى 93%، تبعاً لخبراء مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC):
- لقاح الحصبة في الأطفال: تكون الجرعة الأولى من اللقاح في الأطفال الرضع بين 12-15 شهراً، والجرعة الثانية بين 4-6 سنوات.
- لقاح الحصبة في البالغين: قد يأخذه البالغون في وجود خطر متزايد من الإصابة عند السفر دولياً، أو العمل في المجال الطبي دون دليل على المناعة الفعالة ضده، سواء أكان توثيقاً مكتوباً، أو تأكيداً معملياً.
- الوقاية من مرض الحصبة خلال تفشي المرض: يجب عزل الشخص المصاب في حالة إصابة أحد أفراد الأسرة؛ لأن مرض الحصبة معدٍ، وتلقي اللقاح خاصة الأطفال، ومن ولد في عام 1957 أو بعده.
وتوجد بعض الفئات الخاصة التي لا يجب أن تتلقى اللقاح دون إشراف طبي متخصص يعطي الضوء الأخضر، وتشمل:[6]
- السيدات الحوامل.
- الأشخاص الذين لديهم جهاز مناعي ضعيف؛ نظراً لأن اللقاح مصنوع من فيروسات حية ضعيفة.
- الأشخاص الذين لديهم حساسية للجيلاتين، أو المضاد الحيوي نيومايسين.
- ظهور ردود فعل تحسسية شديدة بعد الجرعة الأولى من اللقاح.
- الأشخاص الذين يعانون حالات صحية مزمنة، أو حالات حادة طارئة.
نجد أن التقدم العلمي المحرز في مكافحة الحصبة أصبح مهدداً في ظل جائحة كورونا، ومن هنا تظهر ضرورة أن يتلقى كل فرد في الأسرة التطعيم، مع اتباع إرشادات السلامة العامة من الأمراض المُعدية الخطيرة كمرض الحصبة، لأن صحتك والعناية بها مسؤوليتك الأولى والأخيرة.