تيكتوكية مواقع التواصل الاجتماعي: كيف تأثر الريلز على الدماغ
مع صعود منصات مثل تيك توك، ثم إنستغرام ريلز ويوتيوب شورتس، أصبح استهلاك المحتوى الرقمي أكثر سرعة، حيث تقدم هذه المنصات مقاطع قصيرة تجذب الانتباه في ثوانٍ معدودة، مما جعلها جزءًا كبيراً من حياتنا اليومية. ومع ذلك، فإن تأثيراتها على صحتنا النفسية ومدى الانتباه هي تساؤلات مهمة، خاصة بين الأجيال الشابة.
كيف تؤثر مقاطع الفيديو القصيرة على الدماغ؟
تقدم مقاطع الفيديو القصيرة جرعات تحفيزية سريعة من الترفيه، مما يحفز نظام المكافأة في الدماغ من خلال إطلاق الدوبامين. توضح الدكتورة جيسيكا غريفين من كلية الطب بجامعة ماساتشوستس كيف يحاكي هذا الاستهلاك السلوكيات الإدمانية، فتصبح ملاحقة هذا الشعور بالرضا الفوري عادة.
ومع مرور الوقت، يمكن أن تضعف القدرة على التحكم في النفس وعلى تأجيل المكافآت، خاصة لدى الأفراد دون سن 25 عامًا، حيث يكون الفص الجبهي الأمامي للدماغ المسؤول عن التركيز واتخاذ القرارات، في طور النمو.
تعمل خوارزميات اقتراح المحتوى على تعزيز هذه الدورة الإدمانية بشكل أكبر. فقد أظهرت دراسة أجريت عام 2021 على تطبيق دوين، النسخة الصينية من تيك توك، أن المحتوى المقترح شخصياً ينشط مراكز المكافأة في الدماغ بشكل أكبر مقارنة بالفيديوهات العشوائية. هذا التعزيز المستمر يجعل من الصعب التوقف عن المشاهدة والتركيز على المهام الممتدة أو المعقدة.
“ذاكرة سمكة”
تراجع متوسط مدى الانتباه بشكل كبير، حيث انخفض من دقيقتين ونصف الى حوالي 47 ثانية فقط. تعزز منصات مثل تيك توك هذا الاتجاه، حيث يمكن للمستخدمين تخطي أي شيء لا يجذبهم فورًا، مما يعزز تفضيل الترفيه السريع على التركيز المطول.
(مصدر الصورة: coppellstudentmedia / Minori Kunte)
لهذا السلوك آثار واقعية. فمثلًا، يجد الطلاب صعوبة متزايدة في الاحتفاظ بالمعلومات أو التفاعل بعمق مع المحتوى الطويل. بدلاً من ذلك، يفضلون التنسيقات الملخصة، مما يمكن أن يقوض لديهم التفكير النقدي والفهم—مهارات أساسية للنجاح الأكاديمي والمهني.
العاطفة والحياة الاجتماعية تتأثر أيضاً
لا يقتصر تأثير المحتوى القصير على الدماغ فقط؛ بل يمتد إلى النمو العاطفي والاجتماعي. يمكن للاعتماد المفرط على التفاعل الرقمي ان يقلل من القدرة على تشكيل تواصل حقيقي وعميق، مما يعيق الذكاء العاطفي ومهارات التعامل مع الآخرين.
علاوة على ذلك، غالبًا ما تقدم الخوارزميات المحتوى المتوافق مع مخاوف المستخدمين أو نقاط ضعفهم، مما يؤدي إلى تفاقم مشكلات مثل القلق أو الاكتئاب أو مشكلات صورة الجسد. هذه التأثيرات تكون أكثر وضوحًا بين الأطفال والمراهقين، الذين يكونون أكثر عرضة للآثار النفسية لوسائل التواصل الاجتماعي.
إذاً، ما الحل؟
على الرغم من أن التخلص من المحتوى القصير ليس عمليًا، إلا أن تبني عادات استهلاك واعية يمكن أن يساعد في تقليل آثاره السلبية:
- للأفراد: حدد أوقات معينة من اليوم لاستخدام الشاشة ووازن بين مشاهدة الفيديوهات القصيرة والأنشطة المفيدة مثل القراءة أو ممارسة الرياضة أو الانخراط في هوايات.
- للآباء: شجع المناقشات المفتوحة حول تأثير وسائل التواصل الاجتماعي وعزز مجموعة متنوعة من الأنشطة بعيدًا عن الشاشات. استخدم أدوات الرقابة الأبوية للحد من الوقت الذي يقضيه الأطفال على التطبيقات.
- للمؤسسات: ادعم ممارسات تصميم أخلاقية مثل تضمين تذكيرات لأخذ فترات راحة وإعطاء الأولوية للمحتوى الذي يدعم رفاهية المستخدم بدلاً من تعزيز التفاعل المفرط.
الخاتمة
لقد أحدثت منصات الفيديو القصير ثورة في طريقة استهلاكنا للمحتوى. لكن تأثيراتها على التركيز والصحة النفسية تتطلب تبني عادات أكثر وعيًا. عبر التوازن الرقمي يمكننا تحقيق أقصى استفادة من التكنولوجيا مع تقليل آثارها السلبية.
ندعوكم لتشاركوا هذا المقال والى نشر الوعي حول التأثيرات النفسية والاجتماعية لمقاطع الفيديو القصيرة، ننتظر مشاركتكم لتجربتكم ونصائحكم في التعليقات لتحفيز الحوار!
-
المحتوى الذي تستمتع به هنا يمثل رأي المساهم وليس بالضرورة رأي الناشر. يحتفظ الناشر بالحق في عدم نشر المحتوى.
هل لديكم شغف للكتابة وتريدون نشر محتواكم على منصة نشر معروفة؟ اضغطوا هنا وسجلوا الآن!
انضموا إلينا على منصتنا، فهي تمنح كل الخبراء من كافة المجالات المتنوعة الفرصة لنشر محتواهم . سيتم نشر مقالاتكم حيث ستصل لملايين القراء المهتمين بهذا المحتوى وستكون مرتبطة بحساباتكم على وسائل التواصل الاجتماعي!
انضموا إلينا مجاناً!