المرونة في الحياة تمنحك القوة والنجاح.. تعرف على كيفية اكتسابها

يواجه الجميع العديد من المصائب والشدائد في الحياة مثل المرض أو فقدان الوظيفة أو خسارة مالية أو جائحة أثرت في العالم لذلك يحتاج الإنسان إلى اكتساب مهارات المرونة التي لن تقتصر على مساعدته في تجاوز الأزمات بل في كثير من الأحيان تكون المرونة هي نقط تحول شخصية تجعلك أقوى وأكثر نجاحاً.

ما هي المرونة؟

يعرّف علماء النفس المرونة بأنها عملية التكيف جيداً في مواجهة الشدائد أو الصدمات أو المآسي أو التهديدات أو تجارب الحياة الصعبة مثل مشكلات الأسرة والعلاقات أو المشكلات الصحية الخطيرة أو مشكلات العمل والضغوط المالية، ولا يتورط الأشخاص المرنون في الفشل أو ينشغل تفكيرهم به بل يعترفون بالموقف، ويتعلمون من أخطائهم ثم يتقدمون إلى الأمام في حياتهم.

على الرغم من أن المرونة تشير إلى قدرتك على التعامل مع المواقف الصعبة، والخروج منها لكنها أيضاً تعد فرصة كبيرة لتحقيق نموك الشخصي العاطفي والعقلي، وقد تجعلك مهارات المرونة شخصاً أقوى، وأفضل.

المرونة هي القدرة على تحمل المحن والتعافي من أحداث الحياة الصعبة لكن أن تكون مرنًا لا يعني أن الشخص لا يعاني الإجهاد، والاضطراب العاطفي، والمعاناة بل تتضمن المرونة القدرة على العمل، ومواصلة الحياة من خلال الألم والمعاناة العاطفية.

أكثر الأمثلة التي توضح معنى وأهمية المرونة في حياتنا ما قام به المخترع توماس إديسون مخترع المصباح الكهربائي، الذي تعرض للفشل طوال حياته العلمية إلا أن الأمر لم يفسد قدرته على المكافحة والاستمرار، والسبب يعود إلى مرونته الفائقة التي جعلت العالم يشهد أعظم الاختراعات في أوائل القرن العشرين مثل الفونوغراف، والتلغراف، والصورة المتحركة.^[1][2][3]  

العناصر الأساسية للمرونة

وفقًا لبحث أجرته عالمة النفس الرائدة سوزان كوباسا، هناك ثلاثة عناصر أساسية للمرونة:

التحدي

ينظر الأشخاص المرنون إلى الصعوبات، ومشكلات الحياة على أنها تحدٍ، وليست حدثًا يوقف حياتهم بل ينظرون إلى فشلهم وأخطائهم على أنها دروس، وفرصة للتطور والنمو، ولا ينظرون إليها على أنها انعكاس سلبي على قدراتهم أو تقديرهم لذاتهم.

الالتزام

يلتزم الأشخاص المرنون بحياتهم وأهدافهم، ولا يقتصر الالتزام على عملهم فقط فهم يلتزمون بعلاقاتهم، وصداقاتهم، والأشياء التي يهتمون بها ومعتقداتهم الدينية أو الروحية.

التحكم الشخصي

يقضي الأشخاص المرنون وقتهم وطاقتهم في التركيز على المواقف والأحداث التي يتحكمون فيها، ويمكن أن يكون لهم تأثير فيها لكن الأشخاص الذين يفتقرون إلى المرونة يقضون وقتًا في القلق بشأن الأحداث التي لا يمكن السيطرة عليها مما يجعلهم يشعرون بالعجز.^[3]

كيف تكون أكثر مرونة؟

لحسن الحظ تعد المرونة مهارة يمكن تعلمها، والتدرب عليها، وتقويتها بمرور الوقت، وكونك أكثر وعيًا بسلوكياتك ومحاولة تغيير الطريقة التي تستجيب بها يمكن أن يحسن مرونتك العامة في الحياة، وكلما كنت أكثر مرونة كنت سعيدًا في حياتك.

فيما يلي خطوات تساعدك لتكون أكثر مرونة:

• تنمية الوعي الذاتي: فهم الطريقة التي تستجيب بها للتوتر، والأحداث الصعبة في حياتك، ومعرفة نقاط قوتك، ونقاط ضعفك.
• مهارات التنظيم الذاتي: مواجهة الأحداث الصعبة ليس بالأمر السهل لكن يمكن أن تخف الضغوط عليك إذا كنت تمارس بعض الأشياء التي تحقق لك التوازن مثل تمارين اليوغا، والتنفس، وتقنيات التخيل الموجه.
• مهارات التأقلم: مهارات التأقلم تساعدك على التعامل مع المواقف الصعبة، وتشمل كتابة اليوميات، وإعادة صياغة الأفكار، وممارسة الرياضة، وقضاء الوقت في الهواء الطلق، والتواصل الاجتماعي، وتحسين النوم.
• زيادة التفاؤل: التفاؤل يجعل الأشخاص أكثر تحكماً في أفكارهم بالتالي حياتهم خاصة عند مواجهة التحديات الصعبة مما يجعلهم يبحثون عن خطوات إيجابية لحل المشكلة.
• الروابط الاجتماعية: تلعب الروابط الاجتماعية الجيدة والصحية مع الأصدقاء أو العائلة دوراً هاماً في تعزيز المرونة لذلك يُنصح بتعزيز ودعم تلك الروابط الاجتماعية، وبناء علاقات جديدة.
• مساعدة الآخرين: تطوع في الأعمال الخيرية لمساعدة الآخرين أو غيرها من الأعمال التطوعية التي تعمل على تحسين حياة من حولك مما يساعدك على تقدير ذاتك، ويمنح معنى لحياتك.
• كن استباقيًا: من المفيد الاعتراف بشعورك وقبولها في الأوقات الصعبة لكن من المهم سؤال نفسك "ماذا يمكنني أن أفعل حيال مشكلة ما في حياتي؟" على سبيل المثال إذا فقدت وظيفتك بدلاً من الشكوى والانغماس في الحزن ابحث عن طرق لتطوير مهاراتك لمدة ساعة يومياً، وتحسين نقاط ضعفك.
• الاهتمام بالجسم: اهتم بجسمك لتقليل التوتر، والاكتئاب، واتبع أسلوب حياة صحي يتكون من تمارين رياضية، وتناول الطعام الصحي، وشرب الماء.
• تطوير الأهداف: تحرك نحو هدفك في الحياة عن طريق القيام بخطوات منتظمة حتى لو كانت بسيطة بدلاً من التركيز على الأشياء التي لا يمكن تحقيقها، واسأل نفسك "ما هو الشيء الوحيد الذي أعرف أنه يمكنني تحقيقه اليوم الذي يساعدني على التحرك في الاتجاه الذي أريده؟".^[1][2]

أشياء يجب الحذر منها

إذا كنت ترغب في أن تكون مرناً في الحياة، وتتمتع بقدرة على تحمل المواقف الصعبة عليك الابتعاد عن بعض السلوكيات التي تجعلك غارقاً في السلبية، وهي ما يلي:

1. لا تجعل الأشياء الصغيرة السيئة تفسد يومك مثل مشكلة مع عميل في العمل أو تعليق سئ من شخص ما لأن الأشخاص المرنين لا يتعرضون للإحباط بسهولة.
2. تجنب عزل نفسك والابتعاد عن الناس عند تعرضك للمواقف الصعبة لأن العزلة هي أسوأ شئ لصحتك العقلية، وقد تؤدي إلى المزيد من الاكتئاب.
3. لا تبحث عن تقدير ذاتك من الآخرين، وانتظار مدحهم لك والثناء عليك لأنها علامة على تدني الثقة بالنفس، كما أن الأشخاص المرنين لا يعتمدون على عدد الإعجابات التي يحصلون عليها على وسائل التواصل الاجتماعي أو ما تفكر فيه عائلاتهم بشأن اختياراتهم المهنية ليشعروا بذاتهم.
4. توقف عن الإفراط في الشكوى لأنها يمكن أن تلحق الضرر بصحتنا العقلية والجسدية، ويعمل الأشخاص المرنين على حل مشكلاتهم بإيجابية لكن الشكوى المفرطة يمكن أن تؤثر في مدى قدرتهم على حلها.
5. التفكير في الأشياء السيئة التي تحدث لك، وانتقاد نفسك على أشياء فعلتها أو لم تفعلها يمكن أن يجعلك تشعر بالسوء على المدى الطويل، لا بأس في تحديد مدة قصيرة للتفكير في الأشياء السلبية مثل 15 دقيقة، بعد ذلك توقف عن التفكير بها.
6. لا تستسلم بسهولة سواء عند ممارسة هواية أو الذهاب إلى ممارسة الرياضة أو حتى رغبتك في قراءة المزيد من الكتب، ولا تستمع إلى التعليقات السلبية على ما تقوم به بالتالي تقوي مرونتك.
7. لا تغير خططك أو طموحاتك وأهدافك، بسبب رأي شخص آخر إذا كنت تريد أن تكون أكثر مرونة لأن ما تقوم به سيؤثر فيك وحدك فقط وليس الآخرين.^[4]  

المرونة مثل بناء العضلات تستغرق وقتًا، وجهداً، وتعتمد على الاتصال بذاتك، والأشخاص من حولك، والعافية، والتفكير الصحي الإيجابي.