هل سبق لك أن سمعت عن الصرع؟ قد تكون مررت بشخص يعاني منه أو قد تكون سمعت قصصاً عنه، وعلى الغالب أنك سألت نفسك عن ماهية هذا المرض وما هي آثاره على المصابين به. الصرع حالة طبية تؤثر بالحياة اليومية للمرضى ولعائلاتهم، وتضعهم أمام تحديات ترهقهم جسدياً ونفسيا.
من الصحيح أن الصرع يسبب نوبات للمريض تكون صعبة على الجسد، لكن النظرة التي يلقاها من الناس، والصعوبات التي يواجهها في عمله أو مدرسته، أو في محاولته لبناء علاقات اجتماعية مع الآخرين، تضع عبئاً على صحته النفسية. وهنا يُطرَح السؤال: كيف نتعامل مع هؤلاء المرضى؟ وكيف لنا أن ندعمهم؟
في هذا المقال، سنتحدث عن مرض الصرع، وكيف يجب علينا التعامل مع المصابين، وكيف لنا أن ندعمهم.
ما هو الصرع؟
الصرع فيزيولوجياً هو اضطراب دماغي مزمن ترسل فيه مجموعة من الخلايا العصبية أحياناً إشارات عصبية خاطئة وتسبب النوبات. الخلايا العصبية بالحالة الطبيعية تولد إشارات كهربائية وكيميائية تؤثر في الخلايا العصبية الأخرى أو العضلات والأعضاء لتولد الإحساسات والحركات والأفكار.
خلال النوبة، الكثير من الخلايا العصبية ترسل إشارات في اللحظة ذاتها، بشكل أسرع من المعتاد. هذه الدفعة من النشاط الكهربائي الزائد تسبب حركات، إحساسات، مشاعر، وتصرفات جميعها لا إرادية. قد يسبب هذا الاضطراب في الخلايا العصبية فقدان الوعي. بعض الناس تعود لوعيها مباشرةً بعد النوبة، بينما قد يستغرق أناس آخرون دقائق لساعات، حتى يستطيعوا الشعور بأنهم على طبيعتهم. وخلال هذه الفترة قد يشعرون بالتعب، الإرهاق، أو النعس.
يوجد العديد من الأنواع للصرع، وتختلف بالشدة والـتأثير من شخص لآخر.
رغم أن النوبات تشكل سبباً للقلق، إلّا أن حدوث نوبة لا يشترط أن الشخص مصاب بالصرع، إذ يوجد العديد من النوبات التي لا تتعلق بالصرع، كالنوبات الحمَّوية، والنوبات غير الصرعية. ولكن بغض النظر عن نوع النوبة، حدوثها يستوجب استشارة طبيب مختص.
كيف نتعامل مع حالة مريض الصرع؟
الصرع قد يختلف بشكل كبير بين شخص وآخر، ولذلك الحاجة للرعاية ستختلف أيضاً بشكل كبير. بعض المصابين قد لا يحتاجون إلى رعاية أساس، ويستطيعون ممارسة نشاطاتهم اليومية بشكل طبيعي. بينما آخرون يحتاجون للرعاية على مدار الساعة.
إن كنت مسؤولاً عن رعاية شخص مصاب بالصرع، عليك معرفة الإجراءات المطلوبة لتأمين سلامتهم عند حدوث نوبة، وهذه الإجراءات تشمل:
- الاتصال بالإسعاف وإجراء الإسعافات الأولية، وإعطاء الأدوية.
- البقاء معهم خلال، وبعد حدوث النوبة والتأكد من سلامتهم، ومتابعتهم يومياً للتأكد من أخذهم للأدوية المضادة للصرع.
- تسجيل نمط النوبة وأي مثير لها، مما قد يساعد الأطباء في فهم الحالة، خاصةً عند عدم تذكر المريض لأحداث النوبة.
- الذهاب معهم لجلسات الاستشارة ومساعدتهم في وصف أحداث النوبة للطبيب المختص.
- مشاركتهم الأنشطة التي يقومون بها والتي تشكل خطر إثارة للنوبة، مثل السباحة.
المصاعب في حياة المصابين بالصرع قد تؤثر بشكل سلبي على صحتهم النفسية, و بنفس الوقت ستؤثر عليك كراعي لهم, كالقلق و تقلبات المزاج. لذلك عليك التحلي بالصبر و المسؤولية تجاههم.
كيف للمجتمع أن يدعم مرضى الصرع؟
للمجتمع دور أساسي في دعم مرضى الصرع، وذلك عن طريق تنمية الوعي والفهم, وتعزيز انخراطهم في هذا المجتمع. من الممكن تحقيق ذلك عن طريق تطبيق هذه الآليات:
- زيادة الوعي حول هذا المرض: تنظيم ندوات تعليمية من شأنه أن يرفع مستوى وعي الأفراد عن الصرع وأعراضه، وذلك بدوره سيقلل من الخرافات والتنمر.
- تأمين أشخاص مؤهلين لتقديم الإسعافات الأولية: وجود هؤلاء الأشخاص في مراكز العمل أو المدارس مهم جدا في حال حدوث نوبة لشخص ما. كما أن تقديم تدريبات على هذه الإسعافات للعامة سيزيد من عدد المؤهلين لتقديمها.
- إيجاد بيئة عمل مناسبة لهم: يجب على المسؤولين عن ذلك أن يوجدوا بيئة مناسبة للعمل أو الدراسة بدون خطر إثارة النوبة. و تصميم مرافق عامة تخضع لهذه الشروط أيضاً.
- تحسين الدعم المجتمعي: إن التشجيع على إقامة و حضور مجموعات الدعم, سواء أكانت واقعية أم عبر وسائل التواصل الاجتماعي, سيحسن من الصحة النفسية للمرضى و يستطيعون تعلم أساليب المرضى الآخرين للتعامل مع المرض.
يوجد العديد من الطرق الأخرى التي يمكن تطبيقها مثل إدخال المرض في المناهج الدراسية, و فرض قوانين تساعد على تسهيل حياتهم, و تسهيل الحصول على الدواء و بأسعار رخيصة.
في نهاية المقال:
يمكننا القول إن الصرع ليس مجرد حالة طبية، بل تحدٍ اجتماعي وإنساني.و إن دعم المصابين به مسؤولية جماعية تبدأ بالفهم والوعي وتنتهي بالتعاطف والاحتواء, فكل خطوة باتجاه تقليل الخرافات السلبية ورفع مستوى التقبل تسهم في تحسين حياة هؤلاء المرضى وتمنحهم الفرصة ليعيشوا حياة كريمة و اعتيادية.
من واجبنا أن ندعمهم, و أن نكون مستعدين لمساعدتهم على تجاوز التحديات.
-
المحتوى الذي تستمتع به هنا يمثل رأي المساهم وليس بالضرورة رأي الناشر. يحتفظ الناشر بالحق في عدم نشر المحتوى.
هل لديكم شغف للكتابة وتريدون نشر محتواكم على منصة نشر معروفة؟ اضغطوا هنا وسجلوا الآن!
انضموا إلينا على منصتنا، فهي تمنح كل الخبراء من كافة المجالات المتنوعة الفرصة لنشر محتواهم . سيتم نشر مقالاتكم حيث ستصل لملايين القراء المهتمين بهذا المحتوى وستكون مرتبطة بحساباتكم على وسائل التواصل الاجتماعي!
انضموا إلينا مجاناً!