أهم خمسة أسئلة عن مرض الإيدز (AIDS) Acquired Immune Deficiency Syndrom
- تاريخ النشر: الإثنين، 30 نوفمبر 2020 آخر تحديث: الجمعة، 01 ديسمبر 2023
كلنا يعرف مرض الإيدز، أو على الأقل قد سمع عنه. نعرف أنه داء خطير، وأنه يؤثر على المناعة، ولكن كيف يحدث هذا؟ لماذا يمتلك تلك الخطورة؟ لماذا لم نستطع حتى اللحظة إيجاد علاج شافٍ له؟ وكيف يمكننا اتقاؤه؟
تعالوا سوية نتتبع خطى هذا المرض عن كثب، بدءًا من العدوى، مرورًا بالإصابة، وصولاً إلى العلاجات المتوفرة. سنتعرف خلال رحلتنا على جهازنا المناعي بشكل أكثر، ونجيب عن الأسئلة الخمسة الأهم المتعلقة بمتلازمة نقص المناعة المكتسب (الإيدز) ...
-
كيف تحصل العدوى بفيروس نقص المناعة المكتسبة (HIV) Human immunodeficiency virus ؟
إن الهدف الذي يحاول العامل الممرض – كان فيروسًا أو جرثومةً أو فطرًا - تحقيقه من العدوى هو البقاء، ويعمل على ذلك عبر تكثير نفسه، ومن ثم الانتشار والعدوى. يعد فيروس الإيدز شرسًا نسبيًا من ناحية العدوى، إذ تكون جميع مفرزات الجسد تقريبًا لدى الشخص المصاب موبوءة بالفيروس، هذا يعني أن الفيروس لا يتواجد في الدم فحسب، بل في المفرزات الذكرية والمهبلية والشرجية، والسائل النخاعي الشوكي والسائل الأمنيوسي (لدى الحامل)، بل وفي اللعاب والدموع وحليب الأم أيضًا. تحصل العدوى نظريًا بوصول الفيروس إلى الدم، سواء عبر جرح أو قرحة أو عبر تشققات الأغشية المخاطية. عمليًا يتطلب حدوث العدوى انتقال كمية مقيسة من الفيروسات إلى الدم، وبالتالي يمكننا استثناء اللعاب والدموع (إذا لم يختلطا بالدم) من طرق الانتشار، رغم احتوائهما على الفيروس. على هذا تتلخص طرق العدوى الأهم في التالي:
- الاتصال الجنسي (المهبلي والشرجي والفموي).
- استخدام الأدوات الملوثة بالفيروس كالشفرات والمحاقن وإبر الوشم.
- نقل الدم المصاب بالفيروس.
- الانتقال العمودي (من الأم إلى الابن خلال الحمل والولادة، أو الإرضاع حتى)
-
لماذا تعد الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب HIV خطيرة؟
العنصر الأساسي في جهازنا المناعي هي الكريات الدموية البيضاء، ولهذه الكريات البيض أنواع كثيرة، ما يهمنا منها هنا هي الخلايا اللمفاوية التائية T Lymphocytes، حيث تتخصص هذه الخلايا في مهاجمهة الفيروسات والخلايا السرطانية والفطور وبعض الجراثيم. فيروس الإيدز ينتمي إلى مجموعة الفيروسات القهقرية، وهو فيروس ماكر وخبيث بكل معنى الكلمة، فهو لا يهاجم عضوًا معينًا في الجسم، بل يهاجم المنظومة الدفاعية بحد ذاتها. يصيب فيروس نقص المناعة المكتسب الخلايا التائية نفسها، مما يترك الجهاز المناعي عاجزًا أمام الفيروس. مع مرور الزمن تزداد عدد الخلايا التائية المصابة، وتضعف تزامنًا مناعة الفرد المصاب حتى ينتهي الأمر بالجسد عاجزًا عن مقاومة أضعف الفيروسات والجراثيم والفطور التي تتسبب بالعداوى الانتهازية.
# معلومة: العدوى الانتهازية (Opportunistic infection) هي العدوى الناجمة عن مسببات الأمراض التي لا تكون قادرة في العادة على إحداث أي عدوى في وجود جهاز مناعي سليم، ولكن حدوث خلل في الجهاز المناعي يعد فرصة تنتهزها الممرضات لتحدث العدوى.
-
ما أعراض الإصابة بمتلازمة نقص المناعة المكتسب (الإيدز)؟
إن العدوى بفيروس نقص المناعة المكتسب HIV لا تعني الإصابة بالإيدز. متلازمة نقص المناعة المكتسب أو ما يدعى بالإيدز AIDS هي المرحلة الأخيرة من الإصابة بالفيروس، حتى نفهم ذلك بشكل أكبر تعالوا نتعرف على مراحل الإصابة بهذه المتلازمة:
- المرحلة الأولى (مرحلة الإصابة الحادة): تحدث هنا العدوى بالفيروس عبر إحدى الطرق التي ذكرناها في الأعلى. وتكون التظاهرات العرضية هنا ناجمة عن رد فعل الجسد والجهاز المناعي على الإصابة بالفيروس.
- تتسم هذه المرحلة بأعراض تشابه الإصابة بالبرد أو الانفلونزا؛
- ارتفاع في الحرارة
- صداع
- ألم في الحلق
- تعب عام
- آلام عضلية ومفصلية
- تضخم في العقد اللمفاوية
وتختلف شدة التظاهرات في هذه المرحلة بين شخص وآخر، فقد تكون الأعراض خفيفة لدرجة أن المصاب لا يلاحظها بالمطلق. تستمر هذه المرحلة بين أسبوع إلى أسبوعين تقريبًا.
- المرحلة الثانية (المرحلة اللاعرضية): يظن الجهاز المناعي هنا أنه استطاع السيطرة على الإصابة الفيروسية، إلا أن فيروس الإيدز -كما ذكرنا- ماكر، فهو يستغل الخلايا اللمفاوية التائية CD4+ من أجل نسخ نفسه والتكاثر، ولأنه خبيث فإنه يقوم بذلك ببطء شديد، ويستمر في استنزاف مقدرات الجهاز المناعي لسنوات دون أن يتظاهر ذلك في أية أعراض تذكر. تستمر المرحلة اللاعرضية للإصابة حتى 10 إلى 15 سنة (تطول أكثر في حال البدء بالعلاج).
- المرحلة الثالثة (المرحلة العرضية): وصول المصاب إلى هذه المرحلة يعني أن جهازه المناعي أصبح متضررًا بشدة، حيث تبدأ أعراض نقص المناعة بالظهور لدى المصاب، ونذكر منها:
- الإسهال المزمن
- السعال المعند
- التعرق الليلي
- ارتفاع الحرارة
- خسارة الوزن
- القرحات الفموية
- الإنتانات المتكررة
بفعل تدهور وظيفة جهاز المناعة يصبح الجسم عرضة للإصابة المتكررة بالعداوى المختلفة، كما يفقد قدرته على مقاومة ظهور السرطان. تنتهي هذه المرحلة بالإصابة بإحدى العداوى الانتهازية Opportunistic infections))، والتي تعتبر الإصابة بإحداها علامة الانتقال إلى المرحلة الأخيرة للمرض.
- المرحلة الرابعة (مرحلة الإيدز): يوصف المريض بأنه بات مصابًا بالإيدز إذا تحقق أحد الشرطين التالين:
- إذا انخفض عدد الخلايا اللمفاوية التائية CD4+ في الدم عن 200 خلية/ مل.
- عندما يصاب المريض بعدوى انتهازية خطيرة، نتيجة لتلف جهاز المناعة في المرحلة المتقدمة من الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية. نذكر من العداوى الانتهازية التي تعني الإصابة بها وجود ضرر كبير في الجهاز المناعي:
- داء المبيضّات Candidiasis: وينجم عن فطور تحمل نفس الاسم. لدى مرضى الإيدز تنتشر الإصابة بها إلى المريء والرغامى والرئة مسببة أذية رئوية شديدة.
- داء المستخفيات Cryptococcosis: وهو ناجم عن أحد الفطور، ويصيب الرئة أيضًا.
- ساركوما كابوزي Kaposi’s sarcoma: وتحدث نتيجة لتفاقم الإصابة بفيروس الحلأ من النمط الثامن، وتتسبب في نمو أوعية دموية صغيرة غير طبيعية، وقد تكون مهددة للحياة إذا أصابت أعضاء كالأمعاء والرئة.
- اتهاب الرئة بالمتكيسة الجؤجؤية Pneumocystis pneumonia: المسبب وراء هذه العدوى نوع فطر أشبه بالخميرة، وهو ضعيف جدًا في الحالة الطبيعية، وتعد الإصابة به شبه نوعية لمرضى الإيدز.
- داء المقوسات Toxoplasmosis: يقف وراء هذا المرض طفيلي يدعى المقوسة الغوندية، وتقود الإصابة به إلى التهاب في الخصى، وأضرار في شبكية العين ما يؤدي لتأذي البصر أو العمى، كما يسبب داء المقوسات الدماغي الذي يقود إلى أعراض عصبية خطيرة قد تنتهي بالموت.
-
هل هناك علاج للإيدز؟
ليس هناك علاج شافٍ لمتلازمة نقص المناعة المكتسب. هناك في المقابل مجموعة عقاقير يتناولها المريض سوية تندرج تحت اسم العلاج عالي الفعالية بمضادات الفيروسات القهقرية Highly Active Antiretroviral Therapy (HAART). يعد العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية علاجًا ملطفًا يحسن من نوعية حياة المصاب. وكنا قد تحدثنا في أن مدة المرحلة الثانية من الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب تتأثر بتناول العلاج، فتناول الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية يطيل هذه الفترة، إذ يحافظ على وظيفة جهاز المناعة لمدة أطول، ويحمي من الإصابة بالعداوى الانتهازية، كما يخفف الحمل الفيروسي (كمية الفيروسات في الدم) مما يخفض نسبة انتقال المرض.
-
ماذا عليّ أن أفعل إذا تعرضت لوخزة من إبرة ملوثة؟
- قم بغسيل مكان الإصابة جيدًا بالصابون والماء الجاري أو بأحد المعقمات الخفيفة.
- لا تعصر الجرح أو تفركه! ولا تستخدم المعقمات الشديدة كالكلور أو اليود فهذا يخرش الجلد.
- تحرَّ عن الشخص الذي تلوثت الإبرة بدمائه أو أحد سوائل جسده، وعن مدى احتمال إصابته بفيروس الإيدز.
- الجأ في أقرب فرصة إلى الطبيب من أجل تحليل الدم والحصول على العلاج الوقائي المناسب. سيحدد الطبيب مدى خطورة انتقال العدوى بدراسة مجموعة عوامل خطورة معينة؛ كإيجابية الشخص الآخر، ونوع السائل الجسدي الملوث، ومدى عمق إصابتك.
- إذا ارتأى الطبيب حاجتك للوقاية فسيعرض عليك تناول العلاج المضاد للفيروسات القهقرية لمدة قصيرة. (لا بد أن يكون ذلك خلال مدة أقصاها 72 ساعة)
- أجرِ تحليل الدم لكشف فيروس الإيدز مرة ثانية بعد 4 أسابيع، ومرة أخرى بعد 3 أشهر، هذا في حال ثبتت إصابة صاحب الإبرة الملوثة بالمرض.
د. عبادة الحمدان
خريج كلية الطب البشري في جامعة دمشق
جراح في مستشفىLDW، ألمانيا